السبت، 30 مايو 2009

صدمة الجنس والدماء بين فيلمي "ضد المسيح" و"إبراهيم الأبيض"



أحدهما دنماركي والأخر مصري





اعتاد متابعو مهرجان كان السينمائي الدولي كل عام على أن يفاجئهم المهرجان العالمي الأشهر بفيلم مزعج تطلق عليه الصحف الفرنسية عادة "الفضيحة" وتتفاوت طريقة التعامل معه بتفاوت كراهية نقاد وجمهور المهرجان له ومثله اعتادت شركة جود نيوز للإنتاج سنويا تقديم فيلم تنفق عليه الملايين ويخرج جمهوره غير راض عنه في حين لم تعتد السينما المصرية أبدا أفلاما مليئة بالدماء والعنف.
السمة شبه الأساسية للأفلام "الفضيحة" في كان تتمثل في أمور محددة يأتي على رأسها زيادة جرعة الجنس عن الحد المقبول الذي ظهر جليا في فيلم "غريزة أساسية" للنجمة شارون ستون أو مشاهد الدماء وتقطيع أجزاء الجسد مثلما حدث في فيلم "كراش" أو تقديم أفكار غير منطقية أو غريبة لكن الفيلم الفضيحة هذا العام Anti Christ أو "ضد المسيح" للمخرج الدنماركي لارس فون ترايير ضم تلك السمات جميعا.
أما فيما يخص جود نيوز فالسمة الواضحة هي البذخ الشديد والدعاية التي تتجاوز كل الحدود وكأنهم يغرفون المال من المحيط التي كانت واضحة جدا في "عمارة يعقوبيان" رغم جودته ثم في "ليلة البيبي دول" فيلم الشركة الأسوأ وصولا إلى "إبراهيم الأبيض" الذي ضم الكثير من المساوئ منها جرعة الدماء الزائدة وعدم منطقية الأحداث التي تتجاوز الأفلام الهندية التي أضعفت مظاهر كثيرة لقوته بينها المعارك والديكور والموسيقى.
في فيلم "ضد المسيح" بحسب من شاهدوه في مهرجان كان وبينهم الناقد أمير العمري قصة رمزية عن أمريكا السيئة التي لا يحبها مخرجه فون ترايير ويجد أنها مليئة بالقسوة والتوحش واللا إنسانية دون أي تعمق في أسباب تلك الوحشية وهو الأمر نفسه المسيطر على سيناريو "إبراهيم الأبيض" الذي يرى أن مصر القديمة "السيدة عائشة وسور مجرى العيون وعين الصيرة" ليست إلا مستنقع للمخدرات والبلطجية.
اشترك الفيلمان في الكثير من الأمور نحاول سردها لكم ولنبدأ من مهرجان كان الذي اشترك الفيلم الدنماركي في مسابقته الرسمية وتفاوتت أراء النقاد فيه بينما نالت بطلته شارلوت جينسبرج جائزة أحسن ممثلة في حين عرض "إبراهيم الأبيض" في سوق كان بعدما دفعت جود نيوز تكلفة كبيرة لتأجير دار عرض واستضافة النجوم وكذا اختلفت أراء النقاد الذين شاهدوه هناك.
في الفيلم الأول هناك فقط شخصيتان: رجل يجسده "وليم دافوي" وامرأة "شارلوت جينسبرج" الإثنان منعزلان في بيئة متوحشة نائية داخل كوخ خشبي محاط بالأدغال التي تختبيء فيها ذئاب متوحشة والمرأة تبدو مدمرة نفسيا بسبب عجزها عن قبول فكرة الموت والرجل يحاول مساعدتها عن طريق التحليل النفسي على الخروج من أزمتها.
نعرف بعد قليل أنهما فقدا ابنهما بعد أن سقط من شرفة المسكن بينما هما مشغولان بممارسة الجنس فيتركان المدينة ويرحلان إلى الريف حيث ينعزلان في الكوخ الخشبي بحثا عن علاج نفسي للزوجة من قبل زوجها الطبيب النفساني غير أن الوسيلة العلاجية الأساسية التي تستخدم طيلة الأحداث هي الجنس فالزوجان يقومان بممارسة الجنس في كل مكان وفي أوضاع مختلفة، وبصورة وحشية خاصة من جانب المرأة التي لا يبدو أنها تشبع، فالجنس هنا ليس وسيلة للتشبث بالحياة بل وسيلة للتعجيل بالنهاية فهي عندما تشك أن زوجها سيتخلى عنها ويهرب تستخدم أقسى درجات الوحشية معه.
في الفيلم المصري هناك شخصيتان أساسيتان الأولى إبراهيم الأبيض "أحمد السقا" والثانية حبيبته "هند صبري" لكن لأننا في مصر نحب الونس لدينا شخصيتين أخريين تؤثران في الأحداث هما صديق البطل "عمرو واكد" والمعلم عبد الملك زرزور "محمود عبد العزيز" المهيمن على كل شيئ تقريبا في المنطقة التي تدور فيها الأحداث.
نعرف بعد فترة أن الحبيبان لا يمكنهما الزواج لأن الشاب بينه وبين عائلة الفتاة "حورية" ثأر كما أنه دائما مطارد من الشرطة لكن الجنس لا يغيب عن المشهد حيث يظهر في مشهد طويل يضم غزلا بين الحبيبين ينتهي بممارسة الجنس بعيدا عن الكاميرا بينما المشهد الجنسي الأبرز في الفيلم رمزي حيث تقتحم حورية منزل إبراهيم وتبدأ في التمرغ على سريره بشهوانية برعت هند صبري في تجسيدها.
في الفيلمان المرأة تحرك الأحداث تماما فالزوجة في الفيلم الدنماركي سادية تقوم بالتنكيل بالزوج لمجرد شعورها بأنه قد يتخلى عنها وتتعمد أن تؤذيه دائما بعد ممارستهما للجنس في مشاهد مليئة بالدماء لدرجة تثير القشعريرة.
نفس الأمر يحدث في الفيلم المصري فالحبيبة وراء كل ما يحدث لإبراهيم من تنكيل على يد المعلم ورجاله لأنه حسبما عرفت قتل والدها دون أن تعرف أنه قتله انتقاما من قتله لوالده وأيضا يظهر في الفيلم عشرات المشاهد الدموية جدا التي لم تعتد عليها السينما المصرية على الاطلاق والتي تجاوزت في أحيان كثيرة حدود المقبول أو المتداول حتى في أفلام الرعب الأمريكية وإن كانت تلك المعارك تم تنفيذ معظمها ببراعة.
بعد كل تلك المشاهد الدموية المزعجة يتذكر المخرجان ون درير ومروان حامد على فترات متباعدة أن الدراما هي الأساس في السينما وليس مشاهد الدماء والإنتقام فالزوج في "ضد الشيطان" ينتهز فرصة انشغال المرأة ويزحف متسللا إلى الأحراش ويختبيء في حفرة فتفاجئه ذئبة تضع مولودها بالقول بصوت بشري أجش: "الفوضى تسود" كتعبير عن مدى سوء العالم الذي يعيش فيه.
وفي "إبراهيم الأبيض" يخرج البطل من عباءة زرزور إلى غريمه الرئيسي الذي يفاجئه قبل أن يقرر التعامل معه بضرورة أن يفك طلاسم لغز يرويه له يؤكد أن الحياة لا أمان لأحد فيها وأن من يعمل في مهنتهم يجب أن يكون أخرسا.
في الفيلمان تنتهي الأحداث بمقتل المرأة في الفيلم الدنماركي على يد زوجها وفي الفيلم المصري بسبب زوجها في مشهدين يضمان المزيد من الدماء التي تغرق المكان.
كل المشاهد التي تضم دماء وأمواتا في الفيلمين نراها بشكل مباشر وبدون أي تمويه أو إيحاء وبدون استخدام زوايا تصوير جانبية، بل من خلال كاميرا مواجهة ترصد بأمر المخرج تفاصيل الحدث بكل وضوح لتحقيق أكبر قدر من الصدمة للجمهور الذي يفاجئ بانتقال الحدث من التصوير بكاميرا ثابتة إلى الكاميرا المتحركة.
"إبراهيم الأبيض" فيلم تجاري بحت يبحث صانعوه عن الإيرادات في تجربتهم الإنتاجية السابعة بعد فشل في تحقيق المال في معظم انتاجاتهم، بينما "ضد المسيح" فيلم فانتازي لا يهمه بحسب مخرجه الجمهور على الإطلاق حتى أنه قال إنه صنعه لنفسه ولا يهمه إن نجح أو فشل وهو المنطق الذي كانت جود نيوز حتى وقت قريب تتعامل مع الجمهور به قبل أن تغير توجهها وربما كان ذلك الاستثناء الوحيد في العلاقة بين الفيلمين.

الأربعاء، 27 مايو 2009

ما كتبته عن فيلم سيلينا



"سيلينا" يعيد الأفلام الغنائية الإستعراضية العربية إلى دور العرض المصرية

بدأ في العاصمة المصرية القاهرة العرض التجاري للفيلم السينمائي الغنائي "سيلينا" تأليف الموسيقار اللبناني منصور الرحباني واخراج السوري حاتم علي وإنتاج نادر الأتاسي وتوزيع شركة ميلودي.
وأقامت الشركة الموزعة عرضا خاصا للصحفيين والنقاد حضرته بطلته المطربة اللبنانية ميريام فارس ومخرجه بينما غاب بقية الأبطال وبينهم النجم السوري دريد لحام وجورج خباز وأنطوان كرباج إيلي شويري وباسل خياط.
وأشاد الحاضرون بالمستوى المتميز للفيلم الذي يعيد إلى الأذهان تاريخا سينمائيا عربيا ناصعا في مجال الأفلام الموسيقية الغنائية المليئة بالاستعراضات المبهرة الأقرب إلى الفوازير على الرغم من كون مخرجه متخصصا في الدراما التليفزيونية وتميزه في تقديم أعمال السير والدراما التاريخية ليتم اكتشافه في "سيلينا" كمخرج استعراضي مقتدر.
الفيلم بالكامل مأخوذ عن المسرحية الاستعراضية الشهيرة "هالة والملك" التي قدمت على مسرح الأخوة رحباني اللبناني وقامت ببطولتها النجمة الكبيرة فيروز والتي قام الموسيقار منصور الرحباني بتحويلها إلى نص سينمائي يعتمد بالكامل على الأغاني والإستعراض طيلة الحوار الذي لا يضم حوارا عاديا دون موسيقى إلا في مشاهد نادرة.
وبينما القصة خيالية بالأساس وتدور أحداثها في مملكة "سيلينا" غير الموجودة في الواقع إلا أنها تضم الكثير من الإسقاطات على الواقع السياسي العربي حيث أسلوب إدارة المملكة شبيه إلى حد كبير بكثير من الأنظمة العربية التي تعتمد على أراء المستشارين الذين يخفون عن الملك كل ما يدور في الشارع.
مملكة "سيلينا" بحسب الفيلم يسودها الجشع والمكر وتظهر فيها بوضوح متاهات السياسات الكاذبة المتداخلة الهادفة إلي تضليل الملك بغية تحقيق المكاسب الشخصية والمالية للحاشية والمساعدين الذين يترأسهم رجل الشرطة والمستشار والعراف الذين يقنعون الملك بحب الشعب والرخاء الذي يعيش فيه المواطنون بينما الحقيقة منافية تماما لذلك.
يتنبأ عراف الملك بأن أميرة متنكرة تصل إلي المملكة وتصبح زوجته فيفرح جميع من في البلاط والمدينة إذ أن عرس الملك سيدوم 40 يوما من الإحتفالات والمأدب المجانية وفي الوقت ذاته تصل "هالة" بائعة الأقنعة الفقيرة التي تقدم دورها ميريام فارس إلي المدينة فيغتنم رجال البلاط الفرصة ويحاولون إقناعها لتدعي أنها الأميرة بغية الزواج من الملك.
يخبر شحاذ المدينة "دريد لحام" الملك بالحقيقة فينتحل الأخير دور الفقير ويتغلغل بين الحشود لمعرفة الحقيقة فتكشف له "هالة" كذب أصحاب المناصب المحيطين به ومكرهم فيدرك أنه يعيش في عالم من الأكاذيب التي يرويها له مساعدوه لعقد الصفقات المشبوهة وأن الشعب فقير وبالكاد يقوى على العيش.
ورغم أن سيلينا يعرض في القاهرة في نسخ محدودة إلا أنه استمرار لتقليد محمود بدأ مؤخرا باسبتقدام أفلام عربية كانت غائبة تماما عن الشاشات المصرية لصالح الأفلام المصرية والأمريكية الطاغية.

تقريري عن فيلم ابراهيم الابيض


"إبراهيم الأبيض" استمرار لموجة العنف والفوضى في السينما المصرية

مجددا تطل الفوضى على شاشة السينما المصرية في فيلم "إبراهيم الأبيض" للمخرج مروان حامد الذي عرض أمس للصحفيين بدار الأوبرا المصرية بحضور أبطاله بعد أسبوع واحد من عرض فيلم "دكان شحاتة" لخالد يوسف الذي بشر بفوضى شعبية عارمة.

وبينما يتنبأ خالد يوسف بالفوضى ويرجع أسبابها إلى الظلم فإن "إبراهيم الأبيض" سابع أفلام شركة جود نيوز يرصد مظاهر تلك الفوضى المتمثلة في سيطرة البلطجية وتجار المخدرات على الشارع في غياب تام أو تجاهل متعمد لدور الشرطة التي لا تظهر إلا مرات نادرة طيلة الأحداث المليئة بالعنف والدماء.

السمة الواضحة في أعمال جود نيوز هي البذخ الشديد والدعاية التي تتجاوز كل الحدود وهو الأمر المتكرر بدءا من "عمارة يعقوبيان" وصولا إلى "ليلة البيبي دول" وانتهاء بفيلم "إبراهيم الأبيض" الذي عاب عليه كثيرون ضعف السيناريو الذي كتبه الممثل عباس أبو الحسن في أول تجاربه مع الكتابة والدي أضعف مظاهر كثيرة للقوة بينها المعارك المحبوكة والديكور المتميز والموسيقى التصويرية.

ويصور سيناريو فيلم "إبراهيم الأبيض" منطقة مصر القديمة التي تضم أحياء السيدة عائشة وسور مجرى العيون وعين الصيرة ليست إلا مستنقع للمخدرات والبلطجية الذين لا يتورعون عن استخدام السلاح الأبيض ضد بعضهم البعض ربما لأسباب تافهة في كثير من الأحيان بينما تختفي الأسلحة النارية تقريبا.

يضم الفيلم شخصيتين أساسيتين الأولى إبراهيم الأبيض "أحمد السقا" والثانية حبيبته "هند صبري" وإلى جانبهما شخصيتين أخريين تؤثران في الأحداث بقوة هما صديق البطل "عمرو واكد" والمعلم عبد الملك زرزور "النجم محمود عبد العزيز" الذي يهيمن على كل شيئ تقريبا في المنطقة التي تدور فيها الأحداث.

نعرف في البداية أن الحبيبان لا يمكنهما الزواج لأن الشاب بينه وبين عائلة الفتاة ثأر حيث قتل أبوها والده وقتل هو والدها انتقاما لموت أبيه كما أنه دائما مطارد من الشرطة ومن رجال العصابات المناوئة الذين يظهرون بشكل مبالغ فيه لم تعرفه السينما المصرية من قبل وربما ليس له مبرر واقعي.

الإهتمام باظهار قدرات أحمد السقا كممثل برع في أداء أفلام الحركة كان أحد عوامل ضعف الفيلم حيث لم تتح الفرصة للدراما التي طغت عليها مشاهد المطاردات والمعارك التي استحوذت على 80 % من الأحداث.

كثيرون ممن حضروا العرض الخاص رجالا ونساء كانوا يغمضون أعينهم حتى لا تصطدم بمشاهد دموية جدا تجاوزت في أحيان كثيرة حدود المقبول أو حتى المتعارف عليه في أفلام الرعب الأمريكية وإن كانت تلك المعارك تم تنفيذ معظمها ببراعة.

يختم الفيلم الطويل الذي يمتد لما يزيد على 130 دقيقة أحداثه بموت البطل والبطلة في مشهد دموي جدا تتدفق فيه دماء كثيرة رغم أن السينما المصرية اعتادت عدم انهاء حياة البطل خوفا على الإيرادات التي تتأثر بذلك لنعود إلى التشابه مع "دكان شحاتة" الذي انتهى أيضا بموت البطل.

حضر العرض الخاص عدد من نجوم السينما بينهم عادل إمام ويسرا وإلهام شاهين وعدد كبير من الصحفيين والنقاد بينما غاب عنه عمرو واكد أحد أبطال الفيلم الرئيسيين والإعلامي عماد الدين أديب منتج الفيلم.

وشهد العرض حالة من التنظيم ساهم فيها عدد كبير من الحراس الشخصيين إلى جانب أمن دار الأوبرا.

تقريري عن فيلم دكان شحاتة



"دكان شحاتة" فيلم يحذر من تحول الظلم والقهر إلى فوضى شاملة في مصر بحلول 2013

خليط من القهر والفقر وغياب العدالة وزيادة البطالة واستمرار نظام واحد في الحكم لما يقرب من 30 عاما كانت وراء الفوضى العارمة التي طرحها المخرج خالد يوسف كنهاية منطقية لفيلمه الأحدث "دكان شحاتة" الذي عرض أمس الجمعة للصحفيين والنقاد بعد معركة مع الرقابة.

مشهد نهاية الفيلم الذي يحذر المصريين من الفوضى الشاملة وسطوة الجماعات المتزمتة والبلطجية والصراع بين الشعب والشرطة بحلول عام 2013 إذا استمرت الأحوال على ما هي عليه الأن كان سببا رئيسيا في رفض الرقابة في مصر للفيلم واصرارها على حذف المشهد قبل منح الفيلم تصريحا بالعرض حصل عليه من خلال لجنة أمنية أمس الأول فقط.

وقال خالد يوسف في مؤتمر صحفي تلا عرض الفيلم أمس إنه لا يتمنى أن تنتهي الأمور في مصر بالطريقة التي طرحها الفيلم لذا فإنه يحذر من ذلك عسى أن ينتبه أحد نافيا أن تكون النهائية تحريضيةعلى الإطلاق لأن ذلك ليس في صالحه وصالح ابنه وعائلته وكل المصريين الذين ليس لهم مستقبل إلا باصلاح الأحوال في مصر.

وأضاف يوسف أن الرقابة على الإبداع باتت مرفوضة لأنه نوع من الحلم ومن الصعب أن تحدد للشخص ما يحلم به وما لا يجب أن يحلم به مشيرا إلى أنه كمواطن يطلب معاملته وفق الدستور المصري الذي ينص على حرية التعبير التي يحرم منها بينما تتاح مثلا للصحفيين الذين لم يعد لهم سقف في المعارضة.

وأوضح يوسف أن النظام الحاكم لم يكتف بجهاز الرقابة كجهة رسمية من حقها المنح والمنع وإنما بدأت تدخلات من جهات سيادية وأمنية أخرى ليس من مهامها أبدا ولا يحق لها أن تراقب المبدعين لأن القائمين عليها ليسوا أكثر وطنية من الفنانين.

وقال يوسف إنه يحلم باليوم الذي تختفي فيه الرقابة ويترك المبدع لضميره وللجمهور الذي يمكنه أن يعاقب المبدع أشد عقاب بالإنصراف عن عمله الفني لو أنه تجاوز.

وردا على سؤال لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) قالت بطلة الفيلم المطربة اللبنانية هيفاء وهبي إنها تشكر الظروف التي أوقعتها في سيناريو بهذا الرقي الفني في أولى تجاربها السينمائية مشيرة إلى أنها لما قرأت النص شعرت بأن الشخصية قريبة الشبه منها كانسانة فقبلته على الفور.

وأضافت وهبي أنها تحمد الله أنها لم تقع في فخ القيام بدور فتاة لبنانية أو أجنبية في أول أدوارها في مصر وإنما شخصية مصرية تنتمي إلى عامة الشعب ترتدي مثلهم وتعيش مشكلاتهم وبالتالي يمكن للجميع الحكم على مدى اجادتها للدور من عدمه.

وقال خالد يوسف إن هيفاء تجاوزت كل توقعاته كممثلة موهوبة يرى مستقبلها الحقيقي في التمثيل أكثر من الغناء لأنها ذكية وعندها دأب ولا تكل من التدريب والتعلم.

بينما نفت غادة عبد الرازق كل ما تردد خلال الأشهر الماضية عن خلافات بينها وبين هيفاء قائلة إنها اكتشفتها كانسانة خلال فترة التصوير بعد أن كانت تعرفها كمطربة من خلال الفيديو كليب مشيرة إلى أن بساطتها وعفويتها كانت سببا في قدرتها على الوصول للروح المصرية بسرعة.

وردا على سؤال حول ظهور العلم الاسرائيلي في أحد المشاهد فوق منزل الأسرة الأساسية في الفيلم الذي تم بيعه لسفارة أجنبية قال خالد يوسف إن فكرة البيع لاسرائيل ليست هاجسا مرضيا لديه وإنما توضيحا لكونها العدو الحقيقي لمصر وللعرب "فليس لدينا أعداء في العالم غير هذا الكيان المزروع في المنطقة ولابد أن نحذر من فكرة بيع الوطن لهذا العدو" على حد قوله.

وأضاف "عندما كان عمري 16 عاما ظهر هذا الدنس في سماء القاهرة ولابد أن يزول ولا بد من طرد السفير الاسرائيلي قبل أن يشتري أرضنا بماله".

وقال الفنان محمود حميدة إنه كممثل ليس مسئولا بشكل مباشر عن التفكير في الأفكار السياسية المطروحة في العمل الذي يشارك فيه وإنما تلك مسئولية المخرج والمؤلف اللذان يختارانه للدور وهما المسئولان عن الطرح الدرامي بينما هو يؤدي دوره فقط ولا يسمح لنفسه بالتدخل في التفاصيل خارج حدود هذا الدور.

وتدور أحداث "دكان شحاتة" الذي كتبه ناصر عبد الرحمن حول عائلة مصرية فقيرة تتكسب من بيع الفاكهة في متجر صغير تنشأ بين الأبناء الثلاثة غير الاشقاء حالة من التوتر تنتهي بسجن الأصغر بتهمة تزوير خاتم والده الراحل وزواج أخيه من خطيبته عنوة ليخرج من السجن باحثا عن إخوته الذين يهربون منه بعدما سرقوا ميراثه وحبيبته قبل أن يسرق أحدهما حياته برصاصات غاضبة في نهاية الأحداث.

ويقوم ببطولة الفيلم محمود حميدة "الأب" وعمرو سعد وصبري فواز ومحمد كريم وغادة عبد الرازق "الأبناء" وهيفاء وهبي "الحبيبة" وعمرو عبد الجليل "شقيقها" وطارق عبد العزيز "زوج الأخت" وعبد العزيز مخيون "المناضل" الذي يؤوي العائلة في منزله.

السبت، 2 مايو 2009

قطيعة" كتاب يرصد دور الفن والصحافة في دعم مقاطعة المنتجات الغربية




" يرصد القرن العشرين كله وصولا إلى اليوم


القاهرة 2 أيار/ مايو (د ب أ)- يرصد الكاتب المصري شريف عارف في كتابه الجديد "قطيعة" تنامي حملات المقاطعة للمنتجات الأجنبية في مصر منذ بداية القرن العشرين وانتشارها في العالم العربي كله لاحقا اعتمادا على ثلاثة محاور رئيسية هي الدين والسياسة والفن.
وتصدر الطبعة الأولى من الكتاب في العاصمة المصرية القاهرة غدا الأحد في مائتي صفحة من القطع الصغير باعتباره أول كتاب من نوعه يتعرض للظاهرة التي انتشرت بشكل واسع في فترات متباينة وخفتت في فترات أخرى اعتمادا على الأوضاع القائمة.
وقال شريف عارف لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن الكتاب يرصد أبعادا جديدة للمقاطعة باعتبارها من أهم الظواهر التي كانت ولاتزال مثار جدل في صراع الشرق والغرب اعتمادا على وقائع تاريخية برزت فيها حملات المقاطعة بدءا من ثورة 1919 مرورا بما قام به الفدائيون في منطقة القناة عام 1951 وصولا إلى انتفاضة الأقصى الأولى 1987 والثانية في 2000 وتوابع غزو العراق في 2003 والحرب على غزة.
ويتناول الكتاب الصراع التجاري بين التجارب الرأسمالية المصرية والشركات ذات الأصول اليهودية خلال النصف الأول من القرن العشرين على خلفية الصراع بين القوي السياسية الموجودة على الساحة في تلك الفترة كما يتناول بالتحليل قصة انشاء "بنك مصر" عام 1920 باعتباره النواة الأولى للتحرير الإقتصادي والاستقلال عن الغرب.
ويرى مؤلف الكتاب أن فكر المقاومة الذي صاحب ثورة 1919 كان له فضل كبير فى إرساء مبدأ "المقاطعة" سواء كانت تجارية أم سياسية وهو ما تشير إليه المطبوعات الخاصة بتلك الحقبة التاريخية.
ويستدل الكتاب بأمثلة عدة بينها مقال لعامل سكندري بسيط اسمه عبد المتعال حلمي السيد نشرته صحيفة "الأمة" المصرية فى 24 تشرين ثان/ نوفمبر 1921 بعنوان "المقاطعة.. المقاطعة" يطلب فيه مقاطعة المنسوجات والفحم والحديد والمأكولات الواردة من بريطانيا لأنها قائمة على سياسة الاستعمار واستبدالها بالمنتجات المصرية.
واعتبارا من يوم 28 كانون أول/ ديسمبر 1921 نشرت الصحيفة نفسها بالصفحة الأولى ولعدة أيام تالية إعلانا يقول "لا ننشر ولا نعلن من الآن مطلقا عن المتاجر الإنجليزية احتراما لنفسية الشعب".
ويتناول "قطيعة" مدي تأثر الحركة الفنية في مصر بالمناخ السياسي وكيف ساهمت أغاني الموسيقار سيد درويش في حث الجماهير علي مقاطعة بضائع ومنتجات المحتل الإنجليزي في عشرينيات القرن الماضي ومنها الأغنية الشهيرة "سالمة يا سلامة" التي كتبها بديع خيري بمناسبة عودة الزعيم سعد زغلول ورفاقه من منفاهم والتي تطالب بمقاطعة الغرب بالقول "بلا أمريكا بلا أوروبا مفيش أحسن من بلدي".
ويستعرض الكتاب دورا فنيا كبيرا في الترويج لفكرة المقاطعة ملقيا الضوء على نماذج من الإستعراضات التي كانت تقدمها الفرق المسرحية ومنها استعراض "السقايين" فى مسرحية "ولو" لفرقة نجيب الريحاني والذي يتناول قضية صراع العمالة الأجنبية والمصرية للسيطرة على شركة المياه ويتضمن دعوة صريحة لمقاطعة الشركة التي يديرها الاحتلال نصها "دى شركة غلسة ميتها نجسة".
ويتساءل الكاتب تحت عنوان "غزو أم تجارة" عن أسباب حرص الشركات العالمية على التواجد في الأسواق العربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين حتى أن شركة كوكا كولا العالمية لجئت لإظهار المسجد كرمز ديني في صور الدعاية لمنتجاتها في الشرق الأوسط بعد تدني مبيعاتها خلال حرب 1948 وهو أمر لم يسبق لها استخدامه.
ويلفت الكتاب إلى اصرار شركات عالمية عدة علي البقاء في الأسواق العربية بالرغم من قسوة حملات المقاطعة التي تكبد تلك الشركات خسائر فادحة والتي تصاعدت بالتزامن مع الإنتفاضة الفلسطينية وغزو العراق والانحياز الغربي لإسرائيل وصولا إلى الحرب الأخيرة على غزة.