الأربعاء، 13 يوليو 2011

قلبي وجعني الله يسامحك يا ثورة



* سلامة عبد الحميد
كلهم باتوا ثوارا حتى هؤلاء الذين استفادوا من مبارك ونظامه ونافقوه لسنوات طويلة، كلهم الأن في الميدان وفي وسائل الإعلام للتأكيد على أنهم مفجروا الثورة على طريقة "اركب يا معلم قبل ما القطر يفوتك".
أصبحت يوميا أتعجب من شخصيات معروفة تقول كلاما لا يمكن أبدا أن يصدقه منها عاقل لأنها ليست أهلا لهذا الكلام بعد سنوات طويلة من التسبيح بحمد مبارك ونظامه الفاسد والترويج للأكاذيب دفاعا عنه وتملقا له، لكن ما علينا "يمكن ربنا هداهم للحق والخير. ربنا يهدينا جميعا".
معلش بس طيلة الأيام الأخيرة أسمع كلاما "يجنن" ربنا يكفينا ويكفيكم الشر، فالكل كان في التحرير والكل يتحدث عن ثورته العظيمة والشباب النقي الصالح، وهو نفسه "يا عينه يا جبايره" كان سابقا يقول إن هذه مظاهرات مارقة وأن هذا الشباب الذي خرج فيها مندسون وعملاء ويتقاضون أموالا من الخارج حتى أن البعض وصل حد المطالبة بسحقهم.
أحد هؤلاء فنان مسرحي تليفزيوني عجوز فشل سينمائيا، كان ينافق مبارك بوضوح وعمل لسنوات مستشارا لأحد وزراءه وكان في الأيام الأولى للثورة حزين على مبارك ويرفض إبعاده عن الحكم ويعتبر هذا إساءة له، والأن تحول الرجل نفسه إلى مناضل يقول في كل جملة "ثورتنا" تلات مرات على الأقل ويدعو المصريين للتعاون معه في مشروع لجمع المال لتطوير العشوائيات.
تطوير العشوائيات طبعا مشروع عظيم ولننسى تاريخ الرجل المناهض للثورة طالما أنه يسعى لخدمة المصريين وفقه الله ووفقنا.
لكن كيف نقبل من رجل أعمال شهير كون ثروة هائلة في ظل فساد نظام مبارك وحصل على مقعد برلماني بالتزوير الفاضح، كيف نقبل منه أن يتقدم إلينا بمشروع لتطوير مصر وكيف يقابله رئيس وزراء الثورة ليكلفه بتنفيذ مشروعه "يا مثبت العقل والدين".. "برضه ربنا يوفقه".
وفي الإعلام حدث ولا حرج فالكل مناضلون حتى الفلول الظاهرون، والكل كان سببا في كشف فساد نظام مبارك وكلهم كانوا يعارضونه حتى أولئك الذين كانوا يعملون لديه خدما أو مستشارين أو يتولون الهجوم على من يخالفه الرأي أو حتى لا يعجب الرئيس ورجاله شكله.
قنوات وصحف كان لمبارك ورجاله الفضل في وجود أصحابها وفي دعمها حتى الوصول إلى الشهرة باتت تتحدث عن النضال وعن الثوار العظام وعن النظام البائد دون خجل من مواقفهم المعاكسة تماما التي لم يمر عليها إلا 6 أشهر فقط.
ما علينا من المنافقين فحسابهم عند ربهم وأرجو أن يفضحهم الله في الدنيا أيضا حتى لا ينخدع فيهم الشعب مجددا، لكن المشكلة التي تؤرقني الأن هي تحميل الثورة كل شيء يحدث في البلاد.
كل ما حد يحصله مصيبة يقولك الثورة السبب وكل ما شخص يجد نفسه في أزمة لا يعرف لها حلا تجده يلقي باللوم على الثورة أو يتحجج بها، فمخرج شاب قدم فيلما سينمائيا وحيدا في مصر مولته وزارة الثقافة بمبلغ 18 مليون جنيه ووفرت له دعاية واسعة لكنه خرج سيئا للغاية وفق كل النقاد الذين شاهدوه يتحجج بالثورة كي يؤجل عرض فيلمه.
المخرج لا يجد تقريبا موزع يتبرع بماله الذي سيخسره في الأغلب لطرح الفيلم في دور العرض، حيث أن بطل الفيلم نفسه هاجم الفيلم ومخرجه وأغلب النقاد الذين شاهدوه حين عرض في مهرجاني فينيسيا والأسكندرية قالو إنه فيلم ضعيف فنيا، ومع ذلك يخرج علينا المخرج ليقول إنه قرر تأجيل عرض الفيلم احتراما للمعتصمين في التحرير.
ما دخل المعتصمين بالتحرير في توقيت عرض فيلم سينمائي جاهز منذ عام كامل، والأدهى ما دخل المخرج أصلا بتوقيت العرض المفترض أنه مسئولية الجهة المنتجة.
وأجدني مستنكرا أن الممثل الزعيم ومنتج مسلسله اللبناني لم يقولا حتى الأن أنهما قررا تأجيل عرض المسلسل في رمضان القادم تضامنا مع الثوار، رغم أنهما قالا ضمنا إن الثورة تسببت في عدم اكتمال التصوير.
خللينا في الفن أحسن ومسلسل الغندورة "الحاجة زهرة" الجديد الذي رفض التليفزيون المصري عرضه في رمضان والسبب المعلن أنه يضم مشاهدا لا تليق بالشهر الكريم الذي شهد سابقا مسلسلات أسوأ كثيرا، لكن الثورة بقى وإن كان الكلام "على الضيق" يؤكد أن وضعها في القائمة السوداء هو ما يجعل ماسبيرو غير راغب في عرض مسلسلها خوفا من غضب الثوار.
دا حتى وزير الإعلام الجديد "محدش عارف ليه وزارة إعلام أصلا على فكرة"، حتى هيكل نفسه كان ضد الثورة قبل قيامها، وحتى الراجل دا ملوش علاقة بالإعلام لأنه صحفي "محرر عسكري قديم" بينما وزير الإعلام في بلدنا مهمته تليفزيونية أصلا لأن الإعلام في بلادنا لا يشمل في العادة الصحافة "وربنا ما يقطعلنا عادة".
ربنا يوفق الثوار الجدد والقدامى ويسترها علينا يارب.








يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق