الأربعاء، 3 أغسطس 2011

الخونة وحدهم يصنعون تاريخ الشعوب المقهورة



 
غريب أمر البشر كلما ثار ثائر على الظلم أو الديكتاتورية أو الفساد اتهم فورا بالخيانة، وكلما كان الثائر محقا وسلميا ومنصفا وعاشقا للحرية ولبلاده كلما كانت النبرة أعلى في اتهامه بالخيانة والعمالة وتبني أجندات أجنبية.
منذ اليوم الأول لبدأ التعبير عن الرأي في التوريث والفساد الذي عم البلاد والأحرار يتهمون بالخيانة ويوصمون بالعمالة، وكم من شخصية عظيمة راحت ضحية رأي أو موقف من فاسدين أو غاصبين، ولعلنا نكتشف الأن وبشكل شبه يومي الكثير من المأسي التي وقعت في العهد السابق والتي بات أصحابها أكثر جرأة في الحديث عنها دون خوف رغم أن السطوة القديمة والفساد والطغيان لم ينته بشكل كامل.
مع تفجر الثورة المصرية سمعنا  الإتهامات بالخيانة للثوار السلميين في التحرير وغيره من الميادين المصرية وردد تلك الإتهامات شخصيات تقبع الأن خلف أسوار السجون وتتعرض للمحاكمة وأخرون لازالو أحرارا طلقاء الأدهى أنهم باتو يتحدثون عن ثورتهم ونجاحهم في الإطاحة بالنظام السابق الذي كانو من بين أبرز أبواقه ومنافقيه.
فجأة تحول الثوار بين ليلة وضحاها عقب تنحي مبارك من خونة وعملاء إلى أطهار وشرفاء.. هكذا تلون الجميع وانقلبت المقاييس. فجأة بات الخائن وطنيا والعميل ثوريا.
لاشك أن معنى الخيانة الأن في الشارع المصري بات مختلفا وكلما تكرر كلما بات ممجوجا، بدليل ما حدث ردا على اتهامات المجلس العسكري في بيان له وتصريحات لأحد أعضاءه لحركة شباب 6 أبريل بالعمالة ومحاولة الوقيعة بين الجيش والشعب التي قوبلت بامتعاض شديد من جانب كل القوى السياسية.
لا يمكنني أبدا أن أنسى هتافا أعتبره أثيرا إلى نفسي كنا نردده في أيام الثورة الأولى قبل تنحي مبارك يقول "أنا مندس أنا مندس أنا عايز كنتاكي وبس".
كنا في التحرير قلة مندسة رغم أن عددنا تجاوز المليون مرات عدة وكنا جميعا نتقاضى أموالا "دولارات" وفي قول أخر "يوروهات" وتوزع علينا ثلاث مرات يوميا وجبات "كنتاكي"، ولأني ممن لم يحصلو على بنس أو سنت واحد ولأنني لا أحب وجبات كنتاكي أصلا فكنت أردد هذا الهتاف الساخر بعلو الصوت غيظا أو تنفيسا.
وسبحان مغير الأحوال، تبدل الخونة أشرافا والأشراف خونة. وانتقل الثوار من مصير محتوم بالسجن والقمع والتنكيل إلى صفحات الصحف وشاشات التلفزيون كصناع ثورة في حين انتقل السادة السابقين إلى سجن مزرعة طرة وباتو مزروعين خلف قضبان السجون تتم محاكمتهم علنا على شاشة التلفزيون على مرأي ومسمع من كل المصريين الذين اكتوو بنار فسادهم وظلمهم لسنوات.
كيف بنا إذن لو فشل الثوار في تحقيق أهداف ثورتهم، كيف كان سيتم معاملتهم أو بالأحرى إعدامهم؟. قاررن من فضلك بين الموقف الذي بات خيالا الأن والموقف الحالي الذي يتم فيه التعامل مع من قام الشعب بالثورة عليهم بمنتهى "اللطافة" و"الظرافة" و"بالراحة" و"على مهلك" و"مش مستعجلين".
مين بقى الخونة؟، هل هم من سرقو ونهبو وظلمو وأفسدو ودمروا البلاد؟ أم أولئك الذين قرروا إنهاء هذا الوضع المزري؟.. شيء غريب أمر الخونة. لا أحد غيرهم قادر على التغيير فلا الأحزاب استطاعت ولا الحركات ولا البرلمان ولا القضاء. كلهم كانو "خيال مأتة" يطنطنون بمعارضة شكلية للنظام بينما هم يقبلون الأيادي ليل نهار ويسبحون بحمد القائد والرئيس الأعظم الملهم.
اللهم انصر هؤلاء الخونة الذين يثورون على الظلم والفساد ويسعون لتحقيق العدل والحرية واحمهم ووفقهم، فالواقع بدأ يثبت لنا يوما بعد يوم أن الخونة وحدهم يصنعون تاريخ الشعوب المقهورة، ولولا أنهم خانو النفقا لظلت بلادهم ترزح تحت نيران الديكتاتورية.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

هناك تعليق واحد:

  1. ألله عليك يا سلامة بس عايز أوجه نظرك إلي أن نفس النظام المستخدم في أستفتاء التعديلات الدستورية يستخدم اليوم حيث ينشرون بين التجمعات الجماهرية في المواصلات العامة و غيرها فرق من التيار الديني و المخبرين و أزلام الحزب الوطني و الوحدات المحلية عشان يقولوا أن إلي في التحرير عملاء و البرادعي باع العراق لكن الثورة ستنتصر بأذن ألله ضياء حسني

    ردحذف