الأحد، 21 أغسطس 2011

التفاصيل الكاملة لعملية تسلق الشاب المصري أحمد الشحات لبناية تضم السفارة الإسرائيلية في القاهرة لنزع العلم




القاهرة 21 أب/ أغسطس (د ب أ)- استغرق الشاب المصري أحمد الشحات أقل من 20 دقيقة ليتسلق 22 طابقا في بناية تضم في أدوارها الثلاثة الأخيرة مقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة بين نهر النيل والمدخل الرئيسي لحديقة حيوان الجيزة حيث تقبع على مقربة جامعة القاهرة.
حبست الخطوة غير المتوقعة من الشاب خلال تلك الدقائق القصيرة أنفاس ما يقرب من 10 ألاف مصري كانو يتجمعون أمام السفارة طيلة يومين منادين بتنكيس العلم الإسرائيلي وطرد السفير ردا على مقتل عدد من الجنود المصريين على الحدود برصاص إسرائيلي.
بدأت الأحداث التي حضرتها دون ترتيب حيث فوجئ المتواجدون في الساعة الواحدة والنصف صباحا بشاب نحيف يبدو في السنوات الأولى من عقده الثاني يتسلق بسرعة ومهارة البناية الشاهقة دون أن يستعين بأية معدات حاملا علما مصرية مربوطا في عنقه ومدلى على ضهره.
في البداية لم يدرك البعض غايته وطالبه كثيرون بالنزول خوفا على حياته خاصة وأن المكان غير مجهز بوسائل انقاذ مناسبة لكنه استمر في التسلق بأسلوب خبير كان كل الحاضرين يتابعونه باعجاب ويرصدون كل حركة منه رغم عتمة تغلف المكان وسط هتافات مستمرة "يارب" "الله أكبر" مع وجود تعليمات جماعية كانت توجه له كل فترة بصوت عال لتنبيهه أو نصيحته.
استمر الشاب في التسلق بينما تعلقت قلوب كل الموجودين بمصيره وبدأت تتردد مخاوف سقوطه وسط شائعات حول إمكانية اطلاق الرصاص عليه من قناص في السفارة أو القبض عليه من قبل جهات الأمن المصرية قبل اتمام مهمته التي بات واضحا للجميع من طريقة تسلقه أنه يريدها وهي نزع العلم الإسرائيلي من فوق البناية المصرية المطلة على نيل القاهرة ووضع العلم المصري الذي يحمله مكانه.
في الطابق السابع عشر بدأت نصائح المتواجدين في الأسفل تتخذ مسارا صحيا حيث رفعو هتافهم ليتجه إلى اليسار حيث سطح بناية مجاورة أقل ارتفاعا لكن يظهر عليها سلما يمكن أن يصل بالمتسلق الشاب إلى أعلى البناية الأخرى التي يقصدها.

كان الشاب قد رسم خطته بالتأكيد قبل التسلق وكان مدركا بشكل جيد لما يفعله لأنه بالفعل اعتلى سطح البناية المجاورة لينفذ ما فكر فيه الألاف المحتشدون في الأسفل ينتظرون ما تئول إليه العملية.
غاب الشاب قليلا أعلى البناية الثانية عن الأنظار المتحلقة في الأسفل فبدأ الريب يتسلل إلى الجميع وبدأت تسري شائعات إلقاء القبض عليه من عناصر أمنية موجودة فوق أسطح كل البنايات في المنطقة لتأمين السفارة الإسرائيلية لتبدأ حالة من الهرج والمرج وهتافات "هو راح فين؟".
فجأة ظهر الشاب مجددا يعتلي سلم الطوارئ على جانب البناية التي تسلقها في البداية والتي تضم السفارة لتتعالى صيحات الحمد والتكبيرات من كل المتواجدين في الأسفل والذين بات همهم الأساسي سلامة الفتى بعد تنفيذ مهمته.
وصل الشاب إلى بغيته وتعالت الهتافات في الأسفل وبدأ فك العلم الإسرائيلي من سارية كان معلقا بها غير عابئ بهتافات تهز المكان كله تطالبه باشعال النار فيه لكن يبدو أنه كان لديه مخططا أخرا حيث نزعه ووضع مكانه علما أخر لم يتبين ساعتها إن كان علم مصر أم فلسطين وإن تبين لاحقا أنه العلم المصري الذي كان يحمله أثناء صعوده.
نزل الشاب من مكانه إلى سطح البناية المجاورة بنفس الطريقة مستخدما سلم الطوارئ وهنا تعالت الهتافات له ألا يستخدم نفس طريقة الصعود في النزول وأن يتجه إلى مصعد البناية ليستخدمه حرصا على حياته لكنه صمم على استكمال مهمته كما بدأها.
بدأ الشاب بمهارة واضحة النزول لكن الهتافات تعالت تطالبه بأن لا يعرض حياته للخطر وتطالب سيدة مصرية وابنتها كانتا تطلان من نافذة في الطابق قبل الأخير من البناية أن يفتحا له النافذة وأن يسمحا له بالدخول.
استجابت السيدة بلا تفكير وفتحت النافذة ويبدو أن الشاب أيضا قرر الاستجابة للهتافات فقبل أن يدخل ليتعالى التصفيق والتحية للشاب وللأسرة التي احتضنته.
دقائق قليلة مرت دون أن يظهر الشاب لينتشر في المكان شائعات عن إلقاء القبض عليه مجددا فيتوجه المئات ناحية مدخل البنايات أسفل الجسر المسمى "كوبري الجامعة" والذي تعسكر فيها قوات مشتركة من الشرطة والجيش تحسبا لأية محاولات لاقتحام مبنى السفارة من جانب المحتجين.
كان واضحا أن المحتجين المتوافدين على مدخل البناية لم يأتو لاقتحامها وإنما لاستخلاص الشاب البطل والتأكد أنه لم يتم إلقاء القبض عليه وهو ما حرص قادة القوات الموجودة على إيصاله للمحتجين قبل أن يمنحوهم الشاب ليتم حمله على الأعناق ويطوف الألاف به حول المكان مرددين حوله هتافا مصريا شهيرا يقول "ارفع راسك فوق أنت مصري".

عقب نزوله تنفس الألاف الصعداء وسجد العشرات على الأرض شكرا لله بينما تدافع الجميع ناحية الشاب المصري لرؤيته وتحيته ومعرفة تفاصيل العملية الإنتحارية التي قام بها لكنه غاب عن المكان سريعا لينتشر بعدها أن اسمه أحمد الشحات وأنه ينتمي إلى محافظة الشرقية شمال شرق القاهرة.
وفي الشارع أمام البناية تحول الموقف من اعتصام غاضب مندد بموقف اسرائيلي إجرامي وموقف مصري غير واضح المعالم إلى كرنفال احتفالي وانطلقت في سماء المكان الألعاب النارية وتم ترديد النشيد الوطني والأغاني الإحتفالية.
بينما تحول أحمد الشحات إلى أحد أيقونات الثورة المصرية وربط الألاف بين ما فعله وبين ابن محافظته الجندي المصري سليمان خاطر الذي يتداول المصريون روايات غير رسمية تؤكد أنه قتل في محبسه قبل محاكمته بتهمة قتل عدد من المتسللين الإسرائيليين أثناء تأدية خدمته العسكرية على الحدود منتصف الثمانينات من القرن الماضي في قضية شهيرة جرى التعتيم عليها إعلاميا لسنوات.
انتقل الشاب المصري المجهول أحمد الشحات من مواطن مصري عادي يعيش الكثير من المعاناة مثل غيره من أبناء جيله إلى بطل يشار له بالبنان ولاشك أنه التاريخ المصري سيخلد ما فعله باعتباره واقعة لم يقم بها غيره سابقا.




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق