الأحد، 14 أغسطس 2011

"من أنتم" "فاتكم القطار"؟



تخيلت نفسي فجأة جالسا في حضرة مجموعة من الفنانين العظام الذين لا يغيبون عن بالي عباس فارس واستيفان روستي وعادل أدهم وتوفيق الدقن ومحمود المليجي، هؤلاء نجوم فوق العادة حمدت الله أنهم لم يعيشو عصر مبارك أو تقم الثورة وهم أحياء حتى لا أكرههم مثلما كرهت يحيى الفخراني وعادل إمام ومحمد صبحي.
فنان بلا كرامة لا يساوي شيئا في عيني كمشاهد، وعم عباس فارس مشهد واحد منه برقبة كل أفلام عادل إمام ومسلسلات الفخراني ومسرحيات صبحي، أما الفنان المنافق المتلون وما أكثرهم الأن في كل الدول العربية فهو لا يستحق إلا أن نضعه في قفص وندور به في الشوارع ليلقيه الأطفال بالطوب مثلما يفعلون مع كلب سعران.
ثم تخيلت نفسي فجأة في حضرة إبراهيم بن أدهم والعز بن عبد السلام والشافعي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وأخرين من كبار علماء الإسلام لأجد نفسي أقول: الناس في مصر والعالم العربي يسبون الدين الأن بكثرة بسبب علماء الدين المعاصرين الذين أساءوا للدين أكثر من سلمان رشدي وخيرت فيلدرز.
في الكويت مثلا تصر قنوات تليفزيونية على الدفاع عن مبارك وكأنه بطل الكويت الأوحد وأسدها الأشم، بينما يتم وقف الشيخ نبيل العوضي عن الخطابة لأنه فقط دعا في خطبة جمعة على بشار الأسد ونظامه الذي يقتل البشر، وفي السعودية حيث العقيد القذافي العدو الأول وكل سعودي يعرف الخصومة الشهيرة بينه وبين الملك عبد الله يظهر شيخ معروف ليدافع عن القذافي ويتهم الخارجين عليه بأنهم مارقون.
ظبطتني متقمصا روح اللمبي الذي لا يجوز لنا أن نتحدث عن القذافي أو علي عبد الله صالح إلا إن استحضرناه، فالرجلان "الثاني اتحرق والأول الله يحرقه" لا يمكن لعاقل أن يعتبرهما مواطنان يعيشان معنا في نفس العالم أو يدركان أننا في العقد الثاني من الألفية الثالثة أبدا.
تشعر خلال متابعتك لهما ولما يفعلانه ويقولانه أنك تعيش في زمن الأساطير أيام أكلي لحوم البشر والاتنين أصلا يشبهو "الزومبي"، بينما بشار حالة عويصة تحتاج فورا لبرامج بقلظ وماما نجوى أو بابا شارو وماما سامية قبل أن ينفجر في البكاء "أنا عايز أمي"، أنا أول مرة أعرف إن عباس النوري وسلاف فواخرجي معارضين للنظام السوري كانت لما حضروا مؤتمر المعارضة وهؤلاء جميعا قال لهم صالح "فاتكم الغطار" أو "القطار".
في مصر الوضع مختلف شوية، مبارك يشعرك أنه مستر اكس.. كل يوم تسمع خبر موته أو دخوله غيبوبة ثم يتم نفيه، وكأن الخبر أصلا طلع عشان يطلع ليه نفي عشان مبارك يفضل صورته واسمه متصدرا مانشيتات الصحف اللي اتعودت تلاتين سنة على وجود اسمه وصورته.
خللينا في الفنانين الكبار، وهاحكيلكم حكاية عن فنان الشعب يوسف وهبي اللي كان رايح يقدم مسرحية في سوريا لمدة أسبوع وفي المطار استقبله نقيب الفنانين هناك فشعر بإهانة كبيرة وأقسم أنه لن يجري حديثا صحفيا أو تليفزيونيا مع أي وسيلة اعلام محلية كعقاب وأنه لن يبيت في سوريا ليلة واحدة بعد انتهاء أخر ليلة عرض، وقد كان ما أقسم عليه فعلا.
بينما يتم الاستعانة بفناني القوايم السودة المصريين في الأعمال الخليجية تكريما لهم على موقفهم من مبارك ونظامه وتحديا للثورة المصرية في تبجح واضح وصريح، لينتهي بنا الأمر بمشهد لعصام شرف ريس وزراء الثورة يدور على البلدان التي دعمت ولازالت تدعم مبارك وتدافع عنه يتسول معونات ويطلب عودة رجال الأعمال.. يا لسخرية القدر.
في مصر فقط الكثير من العجائب.. فمبارك في شرم والمصريين يتم شرمهم في العباسية والاسكندرية عقابا لهم على الإطاحة به، ومئات الألاف يقومون بالثورة بينما الملايين في بيوتهم يتفرجون ثم بعد زوال مبارك يخرج الملايين ليقولوا للثوار من أنتم في شعب مصر؟ فعلا أحلى من الشرف مفيش.

 كتب هذا المقال في 26 يوليو 2011 لصحيفة الفنكوش



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق