السبت، 21 يناير 2012

سلامة عبد الحميد يكتب: مدينة الانتاج لا تعترف بسقوط مبارك



 
في أواخر العام 2000 تسلمت عملي في مدينة الانتاج الإعلامي كمحرر ثم أخصائي إعلام في المركز الصحفي لها لمدة 4 سنوات متصلة، في هذا الوقت كنت أتعجب من كم الإنفاق المبالغ فيه وكذا حجم الإنجاز السريع الذي يتم سنويا لمجرد أن يلحق مبنى أو منطقة تصوير بموعد عيد الإعلاميين السنوي الذي كان الرئيس السابق مبارك معتادا أن يفتتج فيه انجازا جديدا في تلك المدينة الواعدة جدا وقتها.
كنت أرى صفوت الشرف وزير الإعلام مرة أو مرتين في الاسبوع الواحد يشرف بنفسه على تفاصيل البناء والتجهيز في استديوهات ومناطق تصوير.. كان الشريف يعتبر مدينة الانتاج انجازه الأكبر وتحفته الباقية، وأزعم أنه كان يفاجئ مبارك كل عيد إعلاميين بالإنجازات التي لا يمكنكم تخيل قدر المال العام المهدر عليها، لكن أيضا لا يمكننا تجاهل أن الكيان كان مربحا خاصة وأنه لم يكن له نظير في الشرق الأوسط وقتها كما أن تلك الفترة شهدت طفرة في عدد القنوات الفضائية وشركات الإنتاج العربية.
في تلك الفترة كنت أستغرب جدا أن المدينة سميت "مدينة الإنتاج الإعلامي" ولم يطلق عليها كما جرت العادة في العقد الأخير من حكم المخلوع اسمه، كنت أتوقع لها اسم مدينة مبارك للإنتاج الإعلامي.. مرة سألت أشخاصا أعلم مني بمجريات الأمور عن هذا فنهروني بشكل غاضب.
بعدها فهمت أن صفوت الشريف الرجل الحديدي في عصر مبارك هو من سماها وهو من قرر ألا تحمل اسم مبارك لأنه أراد لها أن تبقى مرتبطة باسمه وليس باسم الرئيس.
يبدو أن المعلومة التي وصلتني تلك والتي كانت منتشرة كشائعة وصلت مبارك أو أحد حاشيته بشكل أو بأخر، وربما كانت لديه في الأصل وهو من روجها.. ففي الافتتاح الرسمي الذي حضره مبارك للمدينة في 2003 ظهر اسمه واضحا في الداخل على المبنى الأضخم في المدينة وهو مجمع الاستديوهات الكبير الذي يعد الأكبر في الشرق الأوسط وأفريقيا حتى الأن.
تم تعديل اسم المجمع الذي يقع في مدخل المدينة الرئيسي والذي يمكنك مشاهدته من على بعد كيلو مترات من خارجها من "مجمع الاستديوهات العالمي" إلى "مجمع مبارك العالمي للاستديوهات".



هكذا ظهر اسم مبارك في الكيان الإعلامي الكبير.. ثم بدأ نشر الكثير من اللافتات في أرجاء المدينة باعتبارها علامات ارشادية تدل المتجول أو الزائر على مكان المجمع مكتوب عليها "مجمع مبارك للاستديوهات".
المهم أن مبارك رحل.. والأهم أن عاما مر على رحيله وهو الأن يقبع بشكل شبه يومي في قفص حديدي يحاكم بتهم قتل وفساد وغيرها.. لكن رغم كل هذا لازال اسمه يملأ فضاء مدينة الانتاج الإعلامي.
لازال اسم مبارك يطاردك في طرقات المدينة وكأن الثورة لم تصل هذا الكيان الإعلامي الكبير المفترض فيه أنه الأكثر دراية من غيره برحيل مبارك وبجرائمه التي تتكشف يوميا، حيث أنه أحد أهم تجمعات مصادر الأخبار ومن استديوهاته تنطلق عشرات القنوات.
بقي أن أقول لكم إن مدينة الانتاج الإعلامي التي كانت مقرا انتاجيا للمواد الإعلامية منذ انشاءها تحولت فجأة في السنوات الأخيرة إلى كيان للإيجار.. كنت قبل سنوات عدة مع تولي المحاسب سيد حلمي رئاسة المدينة سميتها "مدينة الاستديوهات الإعلامية" فالمدينة لم تعد تنتج أي مواد وبالتالي لا يصح أن نسميها مدينة الإنتاج.. لكن لهذا حديث أخر مطول حول الأسباب والنتائج.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق