الخميس، 24 مايو 2012

سلامة عبد الحميد يكتب: خطايا التغطية الإعلامية في أول أيام الإنتخابات الرئاسية




  
مر أول أيام الانتخابات الرئاسية أمس هادئا في الشارع المصري عدا بعض المخالفات والاشتباكات والتجاوزات المحدودة التي لا يمكن القول أبدا أنها تؤثر في العملية الإنتخابية برمتها أو تفسد العرس الانتخابي الذي يصر الإعلام المصري الحكومي والخاص على السواء بأن يطلق عليه وصف "العرس الديمقراطي" تذكيرا بما كان يقال أيام نظام المخلوع مبارك البائد.
لكن الشارع الإعلامي أمس لم يكن كما الشارع الحقيقي حيث كانت حركة دوؤبة تسري في أوصال وسائل الإعلام لتقديم تغطية واسعة هدفها الجمهور والمعلنين في أن واحد، وبينما يمكننا ايجاد العذر أحيانا لبعض المراسلين "الإعلام الواقف" بالتعبير الحقوقي نظرا لقلة الخبرة أو الضغوط المفروضة عليهم إلا أن العذر يتضاءل فيما يخص مقدمو البرامج المحترفين "الإعلام الجالس".
عند الحديث عن حدث بقيمة الإنتخابات الرئاسية لابد لنا أن نبدأ رصدنا "السريع" من مبنى الريادة الإعلامية الحكومي الشهير باسم "ماسبيرو"، لكن الحديث عن الأخطاء والخطايا في تغطيات ماسبيرو تعد ضربا من تضييع الوقت كونه لم تصله رياح التغيير بعد ويبدو أنها لن تصل قريبا.
أرصد لكم فقط حالة قديمة باتت ظاهرة تستحق الدراسة في ماسبيرو بعد الثورة حيث عاد الإقصاء وعادت الإنتقائية خاصة في تقارير الشارع التي انحصرت في أراء تصب بوضوح في صالح التصويت لمرشحي النظام القديم كونهما رجال الدولة والسياسة، في حين غابت أراء الشارع التي تتحدث عن ضرورة التغيير كما غابت،بالطبع، أراء التيار الإسلامي أو من يؤيدونه.
في القناة حديثة الظهور "سكاي نيوز عربية" كان الناشط السياسي علاء عبد الفتاح ضيفا على الإعلامي عمرو عبد الحميد في تغطية "انتخابات مصر" محاولا إقناع المرشح المستبعد من حكومة عصام شرف لوزارة الإتصالات حازم عبد العظيم بجدوى المشاركة في الإنتخابات كون الأخير أعلن مقاطعة العملية الإنتخابية إيمانا منها بأنها "عبثية".
وبينما علاء عبد الفتاح أحد الداعمين للمرشح الشاب خالد علي ويحمل توكيلا رسميا من المرشح لمراقبة العملية الإنتخابية، ظهر علينا الإعلامي عمر أديب في نفس التوقيت تماما في برنامج "القاهرة اليوم" على فضائية "أوربت" السعودية يتحدث عن علاء عبد الفتاح باعتباره أحد من أعلنو مقاطعة الإنتخابات.

وفي حين أرغى عمرو وأزبد في حق المقاطعين وعلى رأسهم عبد الفتاح باعتبار ذلك أحد وجوه الديمقراطية، فإن من أطلق عليهم "دريم تيم" أو "فريق الأحلام" التحليلي للعملية الإنتخابية لم ينبهه إلى كون الناشط السياسي الشاب ليس مقاطعا وإنما أحد أبرز الأسماء التي أعلنت انتخاب خالد علي.
لا يمكن أن نمر على فكرة "دريم تيم" دون أن نشدد على كونها جملة عبثية أيضا حيث أن الفريق ليس كما يطلق عليه، فأنا مثلا، وربما لجهل مني، لم أعرف من بين الفريق الذي يضم 4 محللين إلا الدكتور ضياء رشوان رئيس مركز الدراسات السياسية في الأهرام والذي كان ضيفا على كل القنوات أمس وبالتالي فلا يمكن اعتباره محلل خاص ببرنامج "القاهرة اليوم".
المثير أيضا أن عمرو أديب المعروف بعلاقاته الوثيقة بالنظام السابق ورموزه وبينهم مرشحان للرئاسة وكرهه للتيار الإسلامي وخاصة الإخوان المسلمين، وهو للحقيقة كره متبادل، المثير أن أديب كان يدافع كثيرا عن انتقاد ضيوفه والمداخلات الهاتفية التي تصله للإخوان باعتبارهم المخالفون وحدهم لضوابط العملية الإنتخابية، هذا إن استبعدنا أن أديب كان يلجأ إلى هذا الأسلوب للسخرية كما هي عادته.
في تغطية قناة "دريم" مساء استضاف الإعلامي وائل الإبراشي ثلاثة ضيوف يعد كل منهم بحد ذاته مخالفة إعلامية، فما بالك لو جمعتهم معا في برنامج واحد.. الأول كان عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية صاحب التصريحات الشهيرة المضادة للثوار في أحداث شارع محمد محمود والذي وصل حد تكفير تيارات ثورية عدة وهو مؤيد للمرشح عبد المنعم أبو الفتوح.
الضيف الثاني كان المحامي القبطي ممدوح رمزي الذي أعلن نهاية 2009 نيته للترشح للرئاسة كأول مرشح قبطي للمنصب وهو موال للمرشح عمرو موسى، والثالث عفت السادات رئيس حزب مصر القومي الذي أعلن عن دعمه للمرشح أحمد شفيق.
لن أحدثكم عما قاله الضيوف الثلاثة، فلك عزيزي القارئ أن تتوقع ما يقوله الثلاثي الذي كان وائل الإبراشي غير قادر على السيطرة على تبادلهم الهجوم والتراشق والإتهامات والسخرية من بعضهم البعض أحيانا خاصة وأن الإبراشي كان مصرا طوال الفقرة على تبني وجهة نظر الثورة ورفض ترشح الفلول رغم أنه يستضيف داعمين بارزين لمرشحي الفلول!.

لنستمر مع قناة "دريم" وهذه المرة من برنامج "العاشرة مساء" حيث استضافت مقدمته منى الشاذلي في فقرة أولى زميلها في نفس القناة الإعلامي أحمد المسلماني، ولمن لا يعرف فإن المسلماني هو من كتب خطاب الأول من فبراير من العام الماضي للمخلوع مبارك الذي دخلت جملة وحيدة منه التاريخ هي "لم أكن أنتوي".
حكى المسلماني كخبير إعلامي وسياسي عن اليوم الأول في الانتخابات الرئاسية وكان واضحا جدا انحيازه ضد مرشحا النظام القديم الذي كان على وشك أن يكون أحد أبرز نجومه لولا أن "موقعة الجمل" أفسدت تأثير الإنشاء المبكي الذي كتبه ليتلوه مبارك على العامة كما كشف لاحقا الإعلامي عبد اللطيف المناوي في كتابه.
الأهم في برنامج "العاشرة مساء" كان الضيف الثاني وهو الدكتور مصطفى الفقي صاحب "سنوات الفرص الضائعة" الذي تلون كثيرا على مدار العام الماضي فتحدث عن كونه أحد من بشروا بالثورة ثم اعترف أنه كتب خطاب عودة نائب رئيس الجمهورية السابق عمر سليمان إلى الفضاء السياسي المصري.
المهم في ظهور مصطفى الفقي مع منى الشاذلي ليس تاريخه ولكن ما قاله حول ضرورة "منح المجلس العسكري والمؤسسة العسكرية نصا خاصا في الدستور الجديد كمكافأة لهم على انحيازهم للثورة باعتبار أن هذا حقهم".. ومن عندي "كسر حقك يا مصطفى".
في تغطية قناة "الحياة" استخدمت أمس للمرة الأولى في مصر والشرق الأوسط، بحسب القناة، تقنية "الهولوجرام" التي تتيح للشاشة أن تضم مع مقدم الفقرة المراسل من أي مكان كان وكأنه في الاستديو.. وللحقيقة فإن الأمر تطور محمود في الإعلام المصري، لكنه للأسف أصاب مقدما الفقرات شريف عامر ولبنى عسل بكثير من الارتباك كونهما ربما لم يتدربا بالشكل الكافي على التقنية الجديدة.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق