الثلاثاء، 17 يوليو 2012

محمد العريان رئيسا للوزارة.. هل يتحقق الحلم؟




كتب: سلامة عبد الحميد
تنتظر مصر كلها وعلى أحر من الجمر الإعلان عن اسم رئيس الوزراء الجديد الذي تأخر كثيرا رغم وعود صريحة من مؤسسة الرئاسة باختياره سريعا فيما يؤكد وجود الكثير من الحسابات والمعوقات وربما المصالح.
وبينما يعول كثير من المصريين على رئيس الوزراء القادم باعتباره يملك عصا سحرية لإخراج مصر من أزماتها الحالية ومعظمها إجتماعية واقتصادية باتت التسريبات الخاصة باسم رئيس الحكومة الجديد منحصرة في رجال الإقتصاد فبرز اسم الدكتور محمود أبو العيون رئيس البنك المركزي الأسبق وظل يتردد حتى الأن إلى أن بدأت ملامح اسم جديد غامض تتردد بقوة.
الشخص الجديد المرشح بقوة لمنصب رئيس وزراء مصر اسمه محمد العريان.. والاسم الشهير عالميا خاصة بين رجال المال والأعمال والإقتصاد يجهله الغالبية العظمى من المصريين لأنه يعيش طوال حياته خارج مصر. ورغم أن الرجل يبدو منفصلا عن الشأن المصري بما يجعله عرضه لاتهامات من نوعية أنه لا يعرف الشأن المصري الداخلي مثلما حدث سابقا مع الدكتور محمد البرادعي وثبت أنه كان مغالطة كبيرة.. إلا أن عدم معرفة الكثيرين به تعد بالفعل ميزة أساسية في شخصيته لو صح اختياره والأهم لو وافق على المنصب.
وصفته صحيفة نيويورك تايمز قبل أعوام بـ "الرجل الغامض" عندما تولى إدارة الوقف الاستثماري لجامعة هارفارد، ويعرف الآن في الأوساط المالية العالمية بأنه "حكيم وول ستريت"، بعد أن أبلى بلاءا حسنا في إدارة مؤسسة "بيمكو" التي تعتبر من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم وتدير أصولا تزيد قيمتها على 1100 مليار دولار أمريكي، أي أكبر من حجم اقتصاديات أغلب دول العالم، كما أهلته كفاءته أن يصبح مرجعا لعدد كبير من المؤسسات المالية والصحف العالمية، والعديد من الدول.
ولا يضاهي أهمية الدكتور العريان عالميا أي شخصية مصرية أخرى، ومعاير الحكم هنا هو التأثير على مجريات الشئون الدولية المالية والتي لا يجادل احد في خطورة انعكاساتها السياسية، وخلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة، وعندما يتحدث العريان كان العالم يتأثر وأسواقه المالية تظهر ردود أفعالها على تصريحاته وأرائه.
اختارت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما العام الماضي مؤسسة "بيمكو" التي يديرها لتصبح واحدة من أربع شركات إدارة أصول يتم اختيارهم لإدارة برنامج مجلس الاحتياط الفيدرالي البالغ قيمته 500 مليار دولار لشراء أوراق مالية مدعومة برهون عقارية. ومن حيث التأثير على أسواق العالم، قلة هم من يملكون القوة التي يتمتع بها المصري محمد العريان.
الكل يعرفه في دولة مأزومة حاليا هي اليونان، حيث أنه مع استفحال أزمة ديونها كان العريان هو أهم من تلجأ إليه وكالات رويترز وبلومبرج المتخصصة في قطاعات المال والأعمال ليوضح ما يحدث، والى أين يسير العالم.
وفي عالم يختلط ويرتبط به قطاع المال والسياسة في كل الدول والقارات، لا يبدو أن الدكتور العريان معني بدرجة كبيرة بالقضايا الإقليمية، وينصب اهتمامه على اتجاهات عالمية كونية لا يمثل فيها الشأن المصري والقضايا الشرق أوسطية إلا قليل القليل.
ولد محمد العريان من أم فرنسية وأب مصري، هو عبد الله العريان، الذي كان أستاذا للقانون ثم قاضيا في محكمة العدل الدولية. وعمه كان أحمد العريان، أستاذ هندسة المواد في كلية الهندسة جامعة القاهرة.. وهنا يبدو أحد مؤشرات اختياره حيث أن الرئيس محمد مرسي كان أستاذا في قسم همدسة المواد ورئيسا له وبالتالي ربما يعرف العريان من خلال عمه.
حصل محمد العريان على شهادته الجامعية في الاقتصاد من جامعة كامبريدج، ثم حصل على شهادتى الماجستير والدكتوراة في الاقتصاد من جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة.. عمل لمدة 15 عاما لدى صندوق النقد الدولي في واشنطن قبل تحوله للعمل في القطاع الخاص، حيث عمل مديرا تنفيذيا في سالمون سميث بارنى التابعة لسيتى جروب في لندن، وفى عام 1999 انضم إلى مؤسسة بيمكو الاستثمارية العالمية وشغل منصب الرئيس التنفيذي.
حصد الإقتصادي المصري العالمي ألقابا كثيرة وبرز اسمه كواحد من أهم نجوم عالم الاستثمار الذين صعدوا بسرعة غير عادية.. ونال في عام 2008 جائزة عالمية عن كتابه "عندما تتصادم الأسواق". واحتل المرتبة 11 ضمن قائمة أقوى 500 شخصية عربية وفقا لمجلة أريبيان بزنس عام 2011، وكان ترتيبه السابع ضمن قائمة أقوى 100 عربي في تصنيف المجلة نفسها عام 2009.
شخصية مرموقة ورجل اقتصاد عالمي من طراز رفيع إذن هو محمد العريان.. لكن يبقى السؤال: هل يقبل رجل بتلك الكفاءة وهذه الخبرات والشهرة أن يتحمل عبء إدارة الحكومة المصرية في هذا الظرف العصيب؟ هل يترك الرجل كل مهامه الدولية ومناصبه ليتفرغ لمحاولة إنقاذ مصر التي ينتمي إليها والده من أزمة قادمة أساسها اقتصادي بحت بينما هو معروف بأنه منقذ الإقتصاديات المأزومة؟.
الأيام وربما الساعات القادمة وحدها ربما تكشف الوضع الذي تنتظره مصر في ظل إدارة الرئيس محمد مرسي، فهل ينجح مرسي ومستشاروه في إقناع الإقتصادي المصري المرموق بالعودة لمسقط رأسه أم يتجاهلونه إلى رجل أخر من موظفي عصر مبارك الذين يطلق عليهم زورا "تكنوقراط" وهم في الواقع إما فلول أو فاشلون؟ لننتظر...

لم يكن متخيلا أبدا أن يكون لدينا رئيس جمهورية "ملتحي" فلماذا لا نتخيل أن يكون رئيس الوزراء القادم يحمل أعلى فمه "شاربا".. مصر تتغير.. والمجد للثورة...


يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق