الأربعاء، 26 يونيو 2013

الإعلام المصري على صفيح ساخن قبل أيام من موعد حددته المعارضة للتظاهر ضد النظام الحاكم




من: سلامة عبد الحميد=

اعتاد المصريون أن تكون الفترة الحالية من كل عام مخصصة في القنوات التليفزيونية المصرية للترويج لبرامجها ومسلسلاتها في شهر رمضان الذي بات على الأبواب إلا أن ضجيج الأوضاع السياسية يغطي على الإستعدادات لرمضان تماما.
ويعيش الإعلام المصري أزمة كبيرة تخص الإلتزام بمبادئ المهنية في تغطية الأحداث السياسية الجارية وسط حالة من الإنقسام الحاد في الشارع المصري بين تأييد النظام الحاكم المنتخب قبل عام واحد والدعوة إلى إسقاطه فيما يوصف بثورة جديدة.
وبينما تنحاز القنوات التابعة لتيار الإسلام السياسي المعروفة مجازا بالقنوات "الدينية" للسلطة الحاكمة وتبرر لها أفعالها سلبا وإيجابا دون أن تلبسها أي خطأ فإن القنوات الخاصة المملوكة في أغلبها لرجال أعمال كبار معظمهم كانوا ضد الثورة على الرئيس السابق مبارك أو متهمون بالفساد في عهده تنحاز لمعارضة النظام وتشويهه بكل الطرق.
في حين يبقى الإعلام الرسمي المملوك للدولة والذي يشار إليه في مصر باسم "ماسبيرو" قابعا على صفيح ساخن بين تيار يدعم النظام الحاكم وتيار أخر يعارضه لتظهر على شاشات التليفزيون الرسمي وفي أثير الإذاعة المصرية حالة من الإرتباك المتواصل.
ولا يكاد يمر يوم إلا ويخرج من "ماسبيرو" بيانات موقعة من العاملين فيه الذين يتجاوز عددهم 25 ألف موظف تعلن رفضها الإنحياز لطرف ضد الأخر في المعادلة السياسية القائمة أو تطالب بوقف تدخل الحكومة في توجيه مسار الإعلام.
لكن عددا من القيادات الوسطى في الإعلام الرسمي بينها رئيس تحرير النشرات في التليفزيون عامر الوكيل باتت تعلن بوضوح وفي تصريحات إعلامية وبيانات صحفية أن رئاسة الجمهورية نفسها باتت تتدخل لتوجيه العمل في ماسبيرو من خلال مندوب رئاسي يقيم داخل المبنى الكبير القابع على كورنيش النيل في القاهرة.
وبينما تقوم في العادة قوات تابعة لسلاح الحرس الجمهوري على تأمين مبنى التليفزيون الرسمي "ماسبيرو" القريب من ميدان التحرير إلا أن الأيام الماضية شهدت زيادة أعداد قوة التأمين ورفع حالة الإستعداد لديها إلى الدرجة القصوى لمنع أي محاولات لإقتحامه خاصة وأن العامين الأخيرين شهدا عشرات تظاهرات في محيطه أدت إلى إحاطته بأسوار حديدة مرتفعة.
لكن التطور الأبرز حدث مساء أمس الثلاثاء في مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية التي تضم معظم ستديوهات ومكاتب القنوات الفضائية العاملة داخل مصر والتي فوجئ العاملون فيها بقوة كبيرة من قوات الجيش المدعمة بالمدرعات والدبابات تتولى تأمين مداخلها وتتمركز أمامها.
وعقد حسن حامد رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي إجتماعا صباح اليوم الأربعاء مع اللواء توحيد توفيق قائد المنطقة المركزية العسكرية واللواء عبد الموجود لطفي مساعد وزير الداخلية لأمن محافظة الجيزة لوضع خطط تأمين المدينة التي سبق أن تظاهر أمامها منتمون للتيار الإسلامي عدة مرات.
وبدأ صباح اليوم انتشار لقوات تابعة للجيش داخل المدينة بينما تتولى قوات من الشرطة مهام التأمين من الخارج فيما اعتبره البعض أمرا مبالغا فيه فيه في حين فسره إعلاميون بأنه أمر طبيعي كون مدينة الإنتاج والشركة المصرية للأقمار الصناعية الملاصقة لها مملوكتان للدولة في معظمهما كما أنهما يتحكمان في الجزء الأكبر من البث الإعلامي في مصر.
ويبدو الوضع السياسي المصري متأزما إلى درجة خطيرة في حين تظهر تلك الأزمات بوضوح في وسائل الإعلام التي بات انحيازها واضحا لأحد طرفي الصراع وباتت الغالبية العظمى منها تتجاوز المعايير المهنية بوضوح لتعبر عن أراء شخصية وتنحاز لطرف ضد الأخر.
وفي الإعلام الخاص بدأت الأزمات أمس فور إعلان الإعلامي محمود سعد توقفه عن العمل في قناة "النهار" المملوكة لعلاء الكحكي أحد أشهر أباطرة الإعلانات في مصر ردا على ما اعتبره سعد تقييدا من مالك القناة له.
وأعلن سعد أمس أنه تلقى بريدا إلكترونيا من مالك القناة يبلغه فيه "إن الوضع السياسي المصري مرتبك وهناك فتنة ولابد أن تلتزم القناة الحيادية ولذا تم إقرار وقف البرامج السياسية مع استمرار التغطية الإخبارية فقط" وهو ما اعتبره محمود سعد غير مقبولا.
وتحدث محمود سعد وعلاء الكحكي لقناة "النهار" مساء أمس هاتفيا ليعلن كلا منهما موقفه فقال مالك القناة لسعد "نحن تراجعنا عن منعك ومكملين اليوم وغدا" فرد سعد قائلا "شيل ده من ده يرتاح ده عن ده.. المفروض تفهم إن أنا معرفتش مش تحرجني وترفدني أمام المشاهدين. دا يبقى عيب. أنا لا نازل بكرة ولا نازل بعده ولا عايز أشتغل عند الكحكي" على حد قوله.
وسبق أن توقفت عدة برامج إعلامية بينها برنامج للإعلامي حسين عبد الغني في قناة "النهار" وبرنامج للإعلامية دينا عبد الفتاح في قناة "التحرير" بأوامر من ملاك القناة نظرا لتجاوز مقدميها حدود المسموح به في النقد في حين توقفت برامج أخرى بينها برنامج للداعية عبد الله بدر في قناة "الحافظ" بعد حكم قضائي بحبسه.
وكان الإعلام المصري الرسمي والخاص ضد الثورة على الرئيس السابق حسني مبارك بشكل واضح حتى أن بعض الإعلاميين شاركوا في التحريض على الثوار وإطلاق اتهامات لهم بالخيانة والعمالة وتلقي أموال من الخارج قبل أن ينقلب الجميع بعد سقوط النظام لمنافقة الثوار وإعلان دعمه الكامل للثورة مما دعا كثيرون إلى إطلاق ما سمي بالقوائم السوداء للإعلاميين.




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق