الجمعة، 22 نوفمبر 2013

سلامة عبد الحميد يكتب: مصر إلى أين.. مجرد وجهة نظر متشائمة





بالنظر إلى المعطيات القائمة فإنني مقتنع أن الأزمة في مصر لن تنتهي إلا بإجهاز فريق على الفريق التاني بالكامل. أما الحديث عن المصالحة والسلمية وغيرها من الأمور التي يتم ترديدها يوميا فإنها في رأيي بلا فائدة ولا تعني إلا التأجيل لمزيد من الوقت من الطرفين أملا في معجزة في عصر لم يعد فيه معجزات.
العسكر بعد فض رابعة والنهضة وما حدث نتيجة لهما من غضب عليهم في العالم الذي فضحهم واعتبرهم قتلة يخاف من تكرار التجربة ويعتمد أسلوب التصفيات الصغيرة هنا وهناك، أو تحريض المدنيين "المواطنين الشرفاء عادة" على القيام بمهمة التصفية بدلا عنه حتى لا يتهم مجددا. وظني أن هذا مستمر وسيستمر على الأقل في الفترة الحالية ولفترة. ولا يعني هذا قتل البعض هنا وهناك وحملة اعتقالات واسعة مستمرة على خلفية عملية التشويه الإعلامي المنظمة المتواصلة.
الإخوان والتيار الاسلامي معجبين جدا بفكرة "المظلومية" ويظنون أنهم بهذا يكسبون أرضية جديدة وحلفاء أو متعاطفين أو أنصار جدد، مثلما أعجبهم فيلم "سلميتنا أقوى من الرصاص" الذي يمنحهم نوعا من الإرضاء لغرورهم ويمثل لهم الوازع الديني الذي مفاده "إحنا ما قتلناش بالإجرام دا ولا عملنا المجازر دي" وطبعا ترديد أن "كل اللي ماتو في عهدنا قتلتهم الداخلية المجرمة اللي لسه مستمرة مع الإنقلاب" إلى أخره من التبريرات والتفسيرات والأكلاشيهات.
تحول الوضع في مصر لما يشبه الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا قبل تفكيك الإتحاد السوفيتي في مطلع التسعينات.. كل فريق يحاول اللعب إعتمادا على أخطاء الفريق الثاني، بينما المنطقي أن يتحول الأمر من حرب باردة إلى حرب استنزاف متبادلة استعدادا للمواجهة القادمة، وهي أتية ولا شك حتى إن تأخرت.
يظن البعض أن الحديث عن مواجهات بين الفريقين من قبيل التحريض بينما الواقع يؤكد أن حالة الغضب المتبادل أو الشعور بالثأر المتبادل أو التخوين والإتهامات المتبادلة وصلت مداها الأقصى بالنسبة للطرف الأول منذ أحداث الإتحادية بالنسبة للشق المدني ومنذ بداية تقليص سطوة الجيش على الدولة بالنسبة للعسكريين، وبالنسبة للفريق الثاني بدات مع عزل مرسي ثم وصلت مداها الأقصى بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة المفرطة.
الأخطر أن المنطق الذي يتجاهله الجميع يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العودة إلى ما قبل 3 يوليو شبه مستحيل، أو أنه بالفعل مستحيل لو اتسعت رقعة الصورة، وأن الازمة ستظل قائمة طالما ظل الفريقين في الساحة يتصارعان كلاميا دون أن يحسم أحدهما الموقف بشكل نهائي، وفي هذه النقطة لابد أن أشير إلى ضرورة تجاهل حديث الطرفين عن أنه حسم الأمر لصالحه لأن كليهما يكذب، سواء عن عمد أو جهل.
يدرك كلا الفريقين أن انتصار أحدهما لن يتحقق إلا بدحر الأخر، فعودة مرسي ممكنة فقط في حال تم اعدام كل جنرالات الجيش والداخلية ومن معهم من الساسة والمثقفين، وهذا ما يدركه الفريق الثاني جيدا وبالتالي فهو يدافع عن حياته لا عن الوطن ولا السلطة كما يدعي.
وانتصار دولة 3 يوليو لن تتحق أيضا إلا بدحر الأخر الرافض لها بالقضاء على الإخوان والتيار الإسلامي المتحالف معهم إضافة إلى بعض التيارات غير الإسلامية الرافضة لحكم العسكر بكل صوره، وهذا ما يدركه هذا الطرف جيدا وبالتالي فهو حريص على ألا يحدث هذا عبر إدعاء السلمية أو الحديث عنها ليل نهار ظنا أنه غير قادر على التصدي للقوة المسلحة التي يملكها الطرف الأخر وبالتالي على العالم أن يدافع عنه في مواجهة المسلحين.
مبدئيا: لن يكون لهذا البلد مستقبل أمن لمن يعيشون فيه إلا إن حدثت المواجهة أو حدثت المصالحة، وبينما تبدو المصالحة الأن وهما ومن يتحدثون عنها مجانين في ظل تنامي الكراهية المتبادلة، يتبقى لنا فقط المواجهة.
المواجهة دموية ولا شك وأخطارها على المستقبل لن تكون سهلة وستترك أثارا جانبية خطيرة على المجتمع كله، لكن هل لديك من حل أخر؟!
بالنسبة للبدايات التي ستؤول إلى الصراع أو الحرب أو "الخناقة" سمها ما شئت، فلو كنت لا تعرف سبيلا، يؤسفني أن أبلغك أن الإغتيالات هي الحل، سيتم اغتيال عدد من الشخصيات في الفريقين لتبدأ المعمعة التي ستطال كثيرين، ربما الاغتيالات هي الجزء الغامض في الصراع الدموي القادم لأنها ربما تكون كفيلة بتفجيره بالكامل أو إنهاءه بالكامل لو تمت وفق ألية مخطط لها مسبقا جيدا، وبالتالي فإنها ربما تنقذ البلاد من صراع دموي طويل وقاسي، وربما تدخلنا في أتون صراع مدمر. 
الطرفان الأن، كل بطريقته ومفرداته، يتحدثان عن سوريا أو العراق تخويفا من وصول البلاد إلى مصير أيهما، بينما الحال في مصر ليس أفضل حالا من سوريا أو العراق بكثير، الوضع في مصر فقط لازال على الحافة، برميل بارود على وشك الإنفجار ينتظر من يشعل فتيله، ليكون الحديث عن سوريا أو العراق ترفا غير متاح أصلا بالنسبة لما يجري في مصر التي سيكون الصراع فيها أكثر دموية وأشد وطئة نظرا إلى عدد سكانها واتساع رقعتها، وستتدخل فيه أطراف كثيرة إقليمية ودولية نظرا إلى أهميتها الاستراتيجية.
أظن المواجهة الدموية قادمة لا محال.. اللهم أخلف ظني..

وربنا يستر بقى....



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق