الأحد، 27 يوليو 2014

سلامة عبد الحميد يكتب..... العيال الـ"إكس إخوان"






تربى داخل الجماعة منغلقا على نفسه، مطيعا لقياداته، لا يخالف قرار مجلس شورى الجماعة، ولا يخرج عن الإجماع، يحمل الكثير من الشكوك تجاه الأخرين بحكم التنشئة في بيئة يعيش أفرادها مطاردين، لا يثق إلا فيمن هم مثله، أعضاء في الجماعة، لا يصدق إلا ما يقوله له المنتسبون لجماعته، حتى وإن خالف العقل والمنطق أحيانا.

ربما كان التفكير سيئا، وكانت التنشئة خاطئة، لكن في الأوضاع المماثلة لما عاشته جماعة الإخوان، فإن تلك القيود وحدها سمحت ببقاء الجماعة، رغم كل محاولات الإجهاز عليها.

وتلك قناعة راسخة لدى معظم المنتسبين للجماعة، يواجهون بها من ينتقد خضوعهم للقيود والتزامهم بالأوامر جاءت الثورة، وتغيرت الأمور، تغيرت الأوضاع وتغير الأشخاص، ظهرت حقائق واتضحت أطماع، لم يعد الإخوان ذلك الفصيل القوي المعارض لمبارك، المضطهد المعتقل الممنوع من العمل علنا، بل على العكس تماما، باتت الجماعة تمارس السياسة والتجارة والعمل الأهلي في الشارع، وبدعم من كيانات كانت تطاردها وتهاجمها ليل نهار. وربما كانت تلك خطة محكمة للإيقاع بهم.
اختلط الأمر على بعض أعضاء الجماعة، بعضهم كانوا قيادات وسيطة، أو على وشك التحول على قيادات وسيطة، بعضهم برز نجمه بسبب الثورة، فاستهوته الأضواء وبات حرصه على الظهور والشهرة أكبر من حرصه السابق على الجماعة ووحدة الصف وبقاء واستقرار الكيان، وفق ما كانوا هم أنفسهم يرددون سابقا.

بدأ التمرد داخل جماعة الإخوان مبكرا، قاده أشخاص معظمهم شباب ليس لهم مناصب وليسوا مرشحين لمناصب، ليسوا قيادات، ويخشون أنهم لن يتحولوا إلى قيادات، كان يطلق عليهم داخل الجماعة وفق ما سمعته من قيادات فيها "العيال".
لا شك أن الطمع كغريزة بشرية أمر قائم. لكن لا يجب أن نلقي بالتبعة على المتمردين وحدهم، فعواجيز الجماعة وقياداتها يحملون العبء الأكبر، هم تركوا الشباب لهواجسهم، وانصرفوا إلى ما يظنون أنه أهم من التخطيط لمستقبل جماعتهم، بينما لم ينتبهوا إلى ترتيب البيت من الداخل أولا، وتأهيل الجماعة للوضع الجديد الذي لم تعرفه سابقا.

تم احتواء التمرد داخل الجماعة سريعا بالفعل، وعادت لتماسكها الشكلي، بعد أن لفظت عددا من الأشخاص، بينهم قيادات كبار أبرزهم عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب، وعدد من الشباب المتحمس، والذين بات يطلق عليهم "العيال"، وفي قول أخر أكثر شهرة "إكس إخوان".

ظاهرة الـ"إكس إخوان" ملفتة بلا شك، فرغم عددهم المحدود إلا أن صوتهم زاعق، ورغم أن معظمهم كان بلا قيمة حقيقية داخل الجماعة، إلا أن الاهتمام الإعلامي بهم كبير، والأسباب واضحة ومفهومة طبعا، فلا أحد يمكنه أن يسيء لجماعة مثلما يفعل أعضاءها السابقين، وبالتالي فإن احتضان هؤلاء مهم، ودعمهم مطلوب، ويقوم به كارهو الإخوان على قدم وساق.

لكن وبطبيعة الأشياء، فإن "الإكس إخوان" تطورت أوضاعهم من مجرد الرغبة في الشهرة، والغضب من طردهم من الجماعة واتهامهم بالمارقين، إلى حالة شبه مرضية يبدو أنه لا فكاك لهم منها.

انضم بعضهم إلى مجانين "30 يونيو"، وتحول بعضهم إلى ضيوف دائمين على قنوات الفلول، وانتشر بعضهم في الأنحاء يهاجمون جماعتهم وقيادتها الشائخة ليل نهار.

دون أن يقولوا لنا مرة واحدة، لماذا ظلوا أعضاء في الجماعة لسنوات دون تغيير القيادات أو اللوائح أو تطوير الأداء.

لا يمكن أن يتجاهل عاقل مسئولية الجماعة عن التحول الذي يعانيه هؤلاء الأعضاء الشاردين، ولا يجوز أبدا نكران العديد من الأخطاء التي وقعت فيها الجماعة بعد الثورة، ولا زالت تكرر بعضها حتى الأن، وليس مقبولا، بطبيعة الحال، أن يكون انتقاد الإخوان أو تفصيل مشكلاتهم تهمة، بحجة أن الوقت ليس مناسبا.

لكن وفي الوقت ذاته، لم يعد أداء هؤلاء "العيال" ممن يتم توصيفهم بأنهم "إكس إخوان" مقبولا أو طبيعيا، ما كان يقبل منهم وهم داخل الجماعة لم يعد مقبولا وهم خارجها، ما كان يمكن تصديقه من كلامهم سابقا، بات هراء ممجوجا لا يمتلكون عليه في الأغلب الأعم حجة ولا منطق، ناهيك عن تبريراتهم وطريقة عرضهم لمواقفهم وأراءهم التي لا تختلف كثيرا، ربما بحسب العادة، عن تبريرات وطريقة الإخوان الذين يستمرون في مطاردتنا بالكثير من التفاصيل التي تجاوزها الزمن أو بات تكرارها لا يطاق.

يحمل "الإكس إخوان" كل مشكلات جماعتهم السابقة التنظيمية والأيدولوجية والسياسية، وأضيف إليهم مشكلات جديدة صنعتها مرارتهم من جماعتهم السابقة، باتت تطاردهم وتضعف حجتهم، فهم تفرغوا لتجرع غضبهم واجتراره، ثم طرحه في وجوهنا ليل نهار، وكأنه لا مشاكل لدينا إلا طرد الإخوان لهم، وكأننا لا نعاني إلا العلاقات الداخلية بين قيادات الإخوان وقواعدهم.


هم اعتادوا أن يعيشوا تلك الحياة داخل الجماعة، وعندما خرجوا منها مطرودين أو غاضبين، لا يستطيعون حتى الأن التكيف مع الأوضاع الجديدة، ويتصرفون كما لو أنهم لا زالوا داخل الجماعة، يفكرون بنفس الطريقة، ويتحدثون بنفس المنطق، من يعارضهم عدو، ومن يخالفهم جاهل، ومن يكشف سوءاتهم حاقد. ارحمونا يرحمكم الله.

يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الجمعة، 25 يوليو 2014

سلامة عبد الحميد يحكي: هنعلمكم الإسلام الحقيقي







هي مش حرب على الإسلام غير في دماغكم انتم بس. كلنا مسلمين مش انتو لوحدكم، ويمكن اسلامنا أحسن منكم كمان، لأنه الاسلام الوسطي مش المتشدد بتاعكم، احنا أصلا هنعلمكم الإسلام لأنكم ما تعرفوش الاسلام الحقيقي. أنا يمكن مش محافظ على الصلاة كويس بس دي علاقة بيني وبين ربنا، التدين مش باللبس أصلا، أنا لبسي عريان بس قريبة من ربنا.
الجمل دي وغيرها كتير بقت بتتردد كل يوم من فنانين ومثقفين ومشاهير، معظمهم كل علاقتهم بالإسلام هو إنه مكتوب في الرقم القومي بتاعه (مسلم). لا بيصلي ولا بيصوم ولا له علاقة بالدين، ومحدش يقوللي هو حر وحسابه على ربنا، لأن لو هو حر وحسابه على ربنا، يبقى بالمقابل المتشدد كمان حر وحسابه على ربنا. ومحدش أحسن من حد، والحرية للجميع، مش لناس وناس.

الواقع إن القصة أكبر من الحرب على الإسلام بالطريقة المتداولة، القصة هي تحجيم المسلمين ووضعهم في إطار ضيق عشان مش ناقصين دول إسلامية حرة أو ناجحة تنكد علينا وتغير مفاهيم العالم عن الحرية والديمقراطية، لازم نفضل نقول للمسلمين إن كل تجاربهم فاشلة، ومعندهمش دولة واحدة ناجحة، رغم إن التاريخ بيقول إن كل الدول الإسلامية الحقيقية كانت ناجحة، ورغم إن الواقع بيقول إن ماليزيا وإندونيسيا حاليا دول اسلامية ناجحة، وإن تركيا دولة ناجحة والصراع اللي فيها عشان ما تتحولش لدولة اسلامية بالكامل، حتى لو كان طرف الصراع الأساسي بدقن وعامل فيها سلفي، الوضع نفسه في مصر أصلا فيما يخص "حزب النور".
بينما شوف السعودية يوم ما النفط يخلص هيبقى شكلها إيه، أراهنك إن المتشددين هيعملو تلاتين أربعين تنظيم قاعدة وداعش. أو شوف مصير الإمارات لو طبقت الإسلام ومنعت الدعارة والخمور.

وكل الهجوم على داعش والتشويه القائم دا لأنها فقط قررت تطبق الإسلام بشدة، وتحارب من غير كلام، وتسقط دولة المالكي العميلة من غير شعارات تعجب الغرب، انت شايف داعش مجرمين؟ العالم بيحب المجرمين أصلا، شوف الحب اللي العالم بيحبه للسيسي قد إيه، طب شوف العالم كله بيدافع عن إسرائيل إزاي. العالم لا يعترف إلا بمنطق القوة، وبشار رغم كل جرايمه لسه قاعد في مكانه لأنه معاه قوة.. ويحضرني بالمناسبة السعيدة دي تعبير "سلميتنا أقوى من الرصاص".
ما علينا.. الأمن في مصر منع الشيخ محمد جبريل من إمامة التراويح في ليلة سبعة وعشرين رمضان في مسجد عمرو بن العاص، اللي محضرش مرة وراء الشيخ جبريل في ساحة مسجد عمرو مش ممكن أبدا يتخيل يعني ايه منع جبريل ولا عدد الناس اللي بتصلي وراه كل سنة.
نائب وزير خارجية إيطاليا بنفسه سافر السودان وخد السيدة مريم اسحق، اللي اتحكم عليها بالإعدام بتهمة الردة والجواز من جنوب سوداني مسيحي يحمل الجنسية الأمريكية. خد في ايده على إيطاليا بعد ما حكومة البشير عملت فيها السبع رجالة شهرين في القضية.

قضية مريم مؤشر كويس للهوان اللي فيه المسلمين، بعيدا عن جدلية هي مسلمة ولا مسيحية، هي من حقها ترتد ولا لأ، مريم المسلمة اللي قررت تكون مسيحية خالفت القانون السوداني وعوقبت، فانتفض العالم كله للدفاع عنها، أوباما اتكلم عليها، وكاميرون هاجم حكومة السودان بسببها، والحكم اتلغى، واتحولت للاجئة في السفارة الأمريكية من يوم الافراج عنها.
العالم كله اهتم بالسيدة التي اتهمت في بلدها بتهمة موجودة في القانون، وتم ضرب القانون بالصرمة لإرضاء العالم زي العادة.
تخيل لو أن مريم مسيحية وقررت التحول للإسلام، هل كان حد عبرها ولا جاب سيرتها؟ ولا الهوا طبعا.


الأزمة في المسلمين، اللي قرروا يخضعوا للابتزاز ويعيشوا في الكذب والتدليس، اللي يقولك حاجة غلط، قوله غلط، واللي يقولك كلام كدب، قوله دا كدب. واللي يقولك احنا النموذج الأمثل، أو إن الإسلاميين عنصريين أو متشددين أو قتالين قتلة، فكره بمحاكم التفتيش في أوربا في العصور الوسطى، أو بالحرب الأهلية في أمريكا واللي حصل فيها، أو باللي عمله هتلر في أوربا. أو باللي بيحصل للمسلمين في بورما وأفريقيا الوسطى دلوقتي، واللي العالم كله شايفه وعامل مش واخد باله.

صديقي المخرج السينمائي الشهير (صديقي سابقا)، كان يتفاخر دائما بأنه ملحد، كان الكثيرون يتعاملون مع إلحاده باعتباره يخصه، فجأة في الانتخابات الرئاسية 2012 كان في فريق حمدين صباحي، ولقيته في يوم هو وحمدين بيصلو الفجر جماعة وناشرين صور ليهم وهم بيصلو. هو فيه ملحد بيصلي الفجر يا خالد؟ وكمان جماعة، ومع حمدين.


أهم مؤهلات السيسي لنيل منصب وزير الدفاع في عهد مرسي، كان أنه يصلي الفروض جماعة، وكان حسبما قيل يبكي في الصلاة خلف الرئيس، دائما أتذكر عندما يخطر ببالي هذا الموقف مسلسل "علي الزيبق"، وتمر أمامي شخصيات "المقدم سنقر الكلبي" الذي يخون العالم كله من أجل مصلحته، و"المقدم دليلة" المجوسية التي وصلت بالمكر والدهاء إلى منصب وزير داخلية السلطنة كلها، وكل همها تنفيذ مخطط إعادة دولتها المجوسية الأم، حتى أنها قتلت شقيقها عندما بات يهدد حلمها.

تقبل الله...






يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

الثلاثاء، 22 يوليو 2014

الثلاثاء، 8 يوليو 2014

الأحد، 6 يوليو 2014

سلامة عبد الحميد يكتب: لن أكتب في الهاشتاج




مع انطلاق الثورة المصرية، تضاعف عدد "التويبس". فجأة بات هناك مئات الآلاف ممّن يمتلكون حساباً على موقع الرسائل القصيرة، "تويتر"، تزايد الاهتمام بالموقع من المصريين بعد عدة أعوام من رفضهم له.
كنا على "تويتر" عدة مئات فقط من مصر، نعرف بعضنا بعضاً تقريباً، وعدة آلاف فقط من المنطقة العربية يتابعون جميعاً بعضهم بعضاً.
حين انطلق الربيع العربي، تحوّل الموقع إلى منصة حقيقية للثورات، رغم أن "فيس بوك" ظل الأهم حيث إن دعوات الثورة انطلقت عبره. لكن شهرة "تويتر" كانت بسبب قدرته على نشر الأخبار بشكل أسرع، وربط الناس بشكل أكثر سلاسة، والإبلاغ عن الأخطار والتحذير من الكمائن.
كان أصدقائي يدمنون موقع "فيس بوك" ويتحاشون الحديث عن "تويتر". كلما تحدثت عنه، كان الجميع يؤكد أنه لا يسمح لهم بإبداء أرائهم، نظراً لتقييده المستخدمين بـ140 حرفاً فقط، بينما "فيس بوك" يتيح لهم "الهري" و"الرغي"، ووقتها نشر الصور والفيديوهات والمحادثات الفورية أيضاً.
لاحقاً استدرك "تويتر" كل تلك الأمور وسمح بنشر الصور والفيديوهات، وبات لديه ما يسمح بكتابة "مطولات"، لكن الطفرة الأهم كانت عندما سمح لنا كمستخدمين بإطلاق "هاشتاج" باللغة العربية.
كثيرون هربوا من "تويتر"، في الواقع، لأن معظم مستخدميه لا يكتبون بالعربية، لكن تزايد المستخدمين العرب، خاصة من المشاهير، حفّز كثيرين على إنشاء حسابات، ثم عندما اتضحت إمكانية ربط "فيس بوك" بـ"تويتر"، باتت الغالبية العظمى تحرص على أن يكون لديها حساب في الموقعين معاً، وإنْ ظلّ كثيرون يهتمون بأحدهما على حساب الآخر.
بات "تويتر" ظاهرة حقيقية بعد الانقلاب في مصر، زاد عدد "التويبس" فعلاً، وأصبحوا يشكلون نواة حقيقية يمكنها أن تكون أداة ضغط أو وسيلة تعبير حقيقية.
 ولعلّ ما جرى قبل شهر تقريباً في "هاشتاج" الإساءة إلى قائد الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي لمناسبة ترشحه للرئاسة، خير دليل على قدرة "تويتر" على إحداث فرق في السياسة، وفي نظرة المجتمع إلى الأمور، مثلما كان عليه "فيس بوك" قبل ثلاثة أعوام من الآن.
منذ وقت قصير انطلق "هاشتاج" جديد، أو لنقل تنويعات عدة على معنى واحد في عدة هاشتاجات، كلها تسخر من خطاب السيسي مع الإعلاميين، والحلول "الخنفشارية" التي أطلقها لتخليص مصر من الفقر والبطالة وأزمة انقطاع الكهرباء وغيرها من المشكلات المستعصية.
على عكس الهاشتاج الأول "المسيء" الذي كنت أحد المشاركين فيه، وحقّقَتْ تغريداتي معدّل تبادل كبير، لم أشارك في الهاشتاج الجديد، لم أكتب فيه تغريدة واحدة، وأعدتُ نشر عدد محدود من تغريدات الأصدقاء التي أعجبتني.
تعجّب كثيرون من أصدقائي، بعضهم طاردني لأكتب، أملاً في أن يحقق ما أكتبه انتشاراً، أو يضيف للهاشتاج، مثلما حدث في المرة الأولى، لم أفعل، ولن أفعل.
 لستُ متحمّساً، لا أظن أن السيسي سيكمل مدته الرئاسية، وأثق أن نهايته ستكون مأساوية بقدر ما فعل من جرائم، لكن تحويل الأمر إلى ملهاة إلكترونية لم يعد يغريني، يموت الناس في الشارع بينما نحن نكتب في هاشتاج.
 لا أنفي أن الأمر له تأثير يربك الانقلاب وأنصاره، لكني أردتُ ألا أنشغل مجدداً بـ"الهري"، وربما أطلق "هاشتاجاً" لتذكير الناس بالجرائم، أو بالشهداء، أو لنذكّر الناس بالصورة ومبادئها: "عيش، حرية، كرامة إنسانية، عدالة اجتماعية"، وكلها أضاعها الانقلاب ومَن شاركوا فيه.

يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

سلامة عبد الحميد يكتب: مصر.. والراقصون على السلالم





ترى مؤيدة السيسي الممثلة آثار الحكيم، في لقاء معها على قناة دريم المصرية، أن برنامج حمدين صباحي كمرشح رئاسي بلا قيمة، "حتى شكله يشبه السيناريو"، فيرد عليها المنتج محمد العدل، مؤيد حمدين، كل أنصار السيسي هم من الفاسدين ورجال أعمال مبارك، يرتبك البرنامج.
السيسي مرشح رئاسي. وانتقاد المرشح الرئاسي، خاصة إذا كان انتقادا بما فيه، ضروري. أن تتعامل معه باعتباره شخصا مقدسا أو نصف إله أمر لا يعنيني.
يكتب الناشط اليساري محمد واكد: "أغرب ما في الموضوع أن كل الناس المحتاجة تأخذ، ستعطي صوتها لواحد مؤمن بـ"أنا مش قادر أديك"؟ حكمتك يا رب".
يكتب يساري آخر هو باسل رمسيس، مؤيد لحمدين: "الناصريون "المدلسون" الذين يقولون إن السيسي ناصري. هم أنفسهم كانوا في الثمانينيات وأوائل التسعينيات يقولون في أذنك مبارك ناصري. وبعدها عدلوها إلى مبارك ناصري، لكن المشكلة في المحيطين به".
***
قبل أربعة أعوام فقط، لم يكن أحد في مصر يصدق، مهما حاولت إقناعه، أن حكم مبارك سيزول، وقبل ثلاثة أعوام فقط، كان ملايين المصريين يظنون أن المشير محمد حسين طنطاوي سيحكم البلاد لسنوات عدة، وسيخلفه نائبه سامي عنان، وقبل عامين فقط، لم يكن أحد يصدق أن رئيس مصر يمكن أن يكون من جماعة "الإخوان المسلمين"، ثم لما جاء محمد مرسي رئيسا، لم يكن أحد يصدق أن يتم عزله بتلك السرعة وبهذه السلاسة لأن خلفه جماعة قوية منظمة.
كل ما سبق تحقق، رغم تأكيدات كثيرة على أنه مخالف للعقل والمنطق، والآن يحاول بعضهم إقناعنا بأن عبد الفتاح السيسي سيحكم مصر ثلاثين عاما على الأقل، لا تصدق، لن يحدث، فرجه قريب، وسبحان من له الدوام.

***
"ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: شريف من دنيء، وبر من فاجر، وحليم من أحمق". الأحنف بن قيس.
***
منعت سلطات مطار القاهرة الكاتب فهمي هويدي من السفر.. كان مسافرا إلى إسبانيا، ولم يبلغه أحد عن سر منعه من السفر، فهو ليس مطلوبا على ذمة أي قضية أو حتى بلاغ، بحسب النيابة المصرية.
شارك أحمد ماهر وأحمد دومة وعلاء عبد الفتاح وآخرون في "سهرة تلاتين يونيو"، كانوا ضد الإخوان ظنا منهم أنهم بهذا ليسوا مع العسكر، ذهب الإخوان وجاء العسكر، واعتقل ثلاثتهم، خرج علاء بتوصية رسمية، بينما بقي رفيقاه في السجن. وانضمت إليهم أخيراً ماهينور المصري وآخرون.
كل من رقص على السلم، أو دعا الآخرين إلى "تجرع السم" مثل الأستاذ هويدي، أو ظن نفسه بمنأى عن قمع النظام العسكري الجديد، عليه أن يعتذر، ألا نستحق جميعا منكم اعتذارا، أم أن الإخوان فقط هم المخطئون والمطالبون بالاعتذار دائما؟
إياك أن تتذكر فقط هؤلاء المعتقلين المشاهير، وتنسى أكثر من عشرين ألف معتقل، وأكثر من ستة آلاف شهيد، ونحو 100 ألف مطارد، ونحو مليون نازح. كلهم لهم حق عند كل من شارك في "سهرة تلاتين يونيو"، وبينهم المعتقلون الثلاثة الذين يدافع عنهم أصدقاؤهم ليل نهار في إطار "الشلة"، ولا يدافعون عن باقي المعتقلين. ولو حتى من باب "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".
إبراهيم فرج، مؤيد لمرسي: الصورة الآن تختلف عن 30 يونيو، لم يعد يؤيد السيسي إلا أبناء مبارك وهم في الأساس ضد ثورة يناير. لا يعني هذا بالضرورة أن من شارك في الانقلاب وندم الآن (قطاع الشباب كله في الغالب) يرتضي عودة مرسي. قراءتان لهذا المشهد: الأولى، أن المستقبل ليس لمصلحة نظام، فمتوسط أعمار مؤيديه فوق الستين، بينما الشباب كله تقريبا يرفض استمراره. الثانية، أنه ربما من الحكمة تراجع الإخوان خطوة إلى الوراء لمصلحة متطلبات قطاع الشباب، لا لمصلحة نظام مبارك. كيف يكون الإخراج وبأي صورة مرضية، يمكننا بحث ذلك، لكن الغباء هو الاستمرار في دفع الحائط اعتقادا بإمكانية زحزحته بأيدٍ بيضاء".
***
"من أَسْرَعَ إلى الناس بما يكرهون، قالوا فيه ما لا يعلمون". الأحنف بن قيس.
***
الواقع أن معظم ثوار يناير ضد السيسي الآن، حتى من كان منهم معه قبل عشرة أشهر. فقط ثوار الفضائيات والباحثون عن سيد يستعبدهم، و"الممسوك عليهم سيديهات" مع الجنرال. الثورة الحقيقية قادمة بلا جدال.
"تكتب صديقتي الإلكترونية عن الكاتب عبد الحليم قنديل، الموالي للسيسي، ما معناه أنه "ممسوك عليه فيديوهات"، هي تشير إلى تسريبات مصورة له في آخر عهد مبارك، وواقعة اعتداء شهيرة عليه، ثم تسخر قائلة "ظني أن من فعل هذا بالرجل، هو زوج السيدة التي كان على علاقة بها وليس نظام مبارك".
وصلنا مرحلة الغلو ردا على الغلو، والتشفي ردا على التشفي. "كما تدين تدان".
وكالة "أونا" للأنباء، يملكها رجل الأعمال نجيب ساويرس، اعتبرت استطلاع مركز "بيو" الأميركي الذي يظهر أن "نسبة معارضي عزل مرسي 43 في المائة، ونسبة عدم الثقة في السيسي 45 في المئة"، دليل على تأييد المصريين للسيسي.
لا تستهجن الأمر، إنه أسلوب حياة، كتب المفكر المصري المهاجر طارق حجي: "رغم كل مظاهر الوهن، فإن انفراد مصر بكسر العمود الفقري لمخطط الشرق اﻷوسط الجديد هو تجل من تجليات روح مصر".
***
"إن عجبت لشيء فعجبي لرجال تنمو أجسامهم وتصغر عقولهم". الأحنف بن قيس.
***
انشغل كثير من المصريين بالسخرية من أغنية الإماراتي حسين الجسمي "بشرة خير"، خاصة بعدما اتضح أن لحنها مسروق من أغنية هندية شهيرة، لكن المدون التونسي أحمد بن صالح كان له نظرة أوسع، قال: "الجسمي الذي لم يعرف في بلده يوما صندوقا غير صندوق المهملات، يحث المصريين على الذهاب لصندوق الانتخابات".
 ياسر اسكندراني ويساري، أو للدقة أناركي، كتب: "أناس كثر في مصر مهزومون ويشعرون بالفشل، لم ينجزوا أي شيء في حياتهم يفخرون به، لم ينتصروا أبدا، الحقيقة أنهم لم يدخلوا معركة أبدا، تجنبوا كل صدام وتفادوا كل مغامرة، كل رهاناتهم كانت خاسرة، هؤلاء سيدعمون السيسي فقط لمجرد أنهم لمرة في حيواتهم البائسة، سيصبحون جزءاً من الفريق الفائز، سيكون رهانهم فائزا ولو لمرة واحدة، هؤلاء الذين يدعمون السيسي بكل هذا الجنون الطفولي والهوس الهستيري، لن يستفيدوا شيئا أبدا، لكنهم لا يرغبون سوى في لحظة من النصر الزائف، حين سيفوز بطلهم التافه المصنوع من الأكاذيب في معركة تافهة محسومة مسبقا، أتخيل أنه لو حدثت معجزة وهزم السيسي لرأينا مئات حوادث الانتحار".

وعلى الجانب الآخر تكتب الناشطة اليمنية وحائزة نوبل، وابنة التيار الإسلامي توكل كرمان: "يقول اليساريون والقوميون والنخب السياسية والحقوقية والإعلامية: لماذا نشارك في أي ثورة ربيعية مستقبلا، مادام الإسلاميون هم من سينفردون بالحكم بعد الثورة، التي ما كان لها أن تحقق النجاح من دون مشاركتنا؟ يقولون أيضا، لماذا نستمر في الثورة معهم ضد الفلول وبقايا الأنظمة ما دام الإسلاميون يحلون محلهم، بينما ننتقل نحن من إقصاء إلى إقصاء مضاعف؟ ويقول الإسلاميون، في أنفسهم على الأقل، لو أننا نافسنا على ثلث مقاعد مجلس الشعب والشورى، لو أننا لم نترشح لرئاسة الجمهورية، لو أننا دعونا إلى انتخابات رئاسية مبكرة، لو أننا فعلنا ذلك لجنبنا أنفسنا وجنبنا الربيع الكثير من الويلات والانكسارات، ولحمينا حركة الربيع من التوقف. ترى هل لايزال في الوقت متسع للعودة إلى الشراكة الثورية والمراهنة عليها. أعتقد ذلك".
***

"نخافكم إن صدقنا، ونخاف الله إن كذبنا". رد الأحنف بن قيس على طلب معاوية بن أبي سفيان مبايعة ابنه يزيد.
***

تكتب صديقتي ريهام الجيلاني: "للذكرى. أنصار حمدين بعد خسارته هيتخانقوا مع المقاطعين باعتبار أنهم السبب في خسارة مرشحهم، وسيتجاهلون أن مرشحهم كان كومبارس لمنح منافسه شرعية".
***
"لا يتم أمر السلطان إلا بالوزراء والأعوان، ولا ينفع الوزراء والأعوان إلا بالمودة والنصيحة، ولا تنفع المودة والنصيحة إلا بالرأي والعفة". الأحنف بن قيس.
***
"ليس ثمة ملك يأخذ كل سفينة غصبا
السفن تذهب طواعية لحتف الملح
وليس ثمة حيتان تطرح أنبياء محبوسين في اليم
يطرحهم اليم في جبة الساحر الفقير
وخرقة الدرويش التي تطوف
حول جسد يبتكر الطريقة والطريق
مع ذلك فوق رأسي خبز مسموم
يأكل الطير مِنه
وأنا في السديم أنتظر. أغنيتي"
من قصيدة لصديقي محمد حربي.



يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

سلامة عبد الحميد يكتب: "المندس" مهند جلال




مفزع جداً اكتشاف أنّ كل هؤلاء الأشخاص تفاجئهم تلك التفاصيل القليلة المثيرة التي أوردها الصديق مهند جلال في فيلمه "المندس"، ليس في الفيلم وقائع كثيرة مفاجئة، هو فقط يربط الأحداث ببعضها بأسلوب بصري ليخلص إلى نتيجة نعيشها.
لست من المنبهرين بما جاء في الفيلم مثل البعض، بعضه شاهدناه وعايشناه رأي العين، وبعضه كنت على دراية بتفاصيله مبكراً، لكني لا أنكر أيضاً أنني أحمد لمهند هذا الجهد الكبير وتلك المخاطرة العظيمة، لقد عرض حياته وسلامته وأمنه مرّات عديدة للخطر من أجل أن يحصل على بعض اللقطات التي ظهرت في الفيلم، وقد ضيع من عمره سنوات ليعمل على تلك اللقطات ويستخلص منها الكثير من المعاني التي تفاجئ كثيرين حالياً.
عرفت مهند قبل نحو ثلاثة أعوام، في عهد المجلس العسكري، كانت البداية تدوينة طويلة كاشفة كتبها الشاب على "فيس بوك" وأورد فيها الكثير من التفاصيل والصور والمعلومات وبعض الفيديوهات المثيرة جدا، وقتها.
عندها كانت شكوكنا جميعا كبيرة، كنا نعلم أن هناك الكثير من المؤامرات التي تحاك ضدنا، وضد الثورة الوليدة، وكنا على ثقة أن آلاف المندسين والمخبرين و"الأمنجية" يطوفون بيننا ليل نهار، يشوهون إدراكنا، ويشكوكنا في كل شيء، ويحاولون إضاعة المسار من بين أيدينا، بكل الوسائل.
كان كثيرون منا يعيشون تلك الشكوك، يصرحون بها ويناقشونها علناً، يؤكدون أن هناك اختراقاً كبيراً، ثم جاءت تدوينة مهند لتؤكد بعضاً من الشكوك بأدلة شبه موثقة يمكن اعتمادها سبيلاً لبدء التدقيق في الكثير من الأمور التي تجري دون أن نجد لها تفسيراً.
عندها كانت بداية تواصلي معه، هو أحد شباب الثورة الذين اختاروا طريقاً مختلفاً، كان يشارك في كل الفعاليات والتظاهرات، وشهد الكثير من الوقائع والأحداث، لكنه كشخص مغاير، فكراً وإدراكاً، اكتشف مبكراً أن التوثيق ضروري، فكانت كاميراته تسبقه في كل مكان، ثم اكتشف بعد فترة من التوثيق أن بعضاً مما صوره يضم تفاصيلاً كارثية، فقرر أن يستكمل الخيوط ليكتشف المزيد.
تحولت الفكرة البدائية، التي يمكن اعتبارها هواية لدى مهند إلى مهمة يومية، وعمل دؤوب، وتخطيط جاد، لم يعد تصوير الأحداث بالنسبة له مجرد توثيق، وإنما جزء من إيمانه بالثورة التي يتلاعب بها الجميع، حتى بعض من شاركوا بها.
"المندس" هو مهند نفسه، فبعد أشهر من التصوير من داخل معسكره الثوري، قرر الشاب أن عليه أيضا أن يصور من داخل المعسكر الأخر ليكتشف المزيد من التفاصيل، ويفهم ما يجري بوضوح، تلك الأجزاء التي صورها من معسكر الفلول أو من يطلق عليهم "المواطنين الشرفاء" هي الأهم في الفيلم في رأيي لأنها تظهر لنا حجم المخطط الكبير، وتظهر شخصيات القائمين عليه.
لكن كارثة أخرى ضمها الفيلم، وافتتح بها أحداثه حول اختراق هذا الشاب المصري للقصر الرئاسي في عهد الرئيس محمد مرسي والتصوير داخله دون أن يدري الطاقم الأمني، توضح أن حكم الإخوان كان محكوماً بالفشل، وكأنهم كانوا حريصين على أن يجري لهم ولنا ما جرى بعد الانقلاب.
أعلم أن لدى مهند جلال الكثير من المواد المصورة الصالحة لإنتاج أفلام أخرى، وكشف كواليس كثيرة، ربما تظهر قريبا وربما لا تظهر إلا لاحقاً، لكني الأن وفي فورة نجاحه وزهوه وزهونا بانجازه، أعود لخشيتي عليه، أخشى على صديقي، مثلما كانت خشيتي وقت إصابته في أحداث فض ميدان رابعة العدوية.
أتوقع أن يتعرض لحملة ترهيب وتهديد واسعة، لا بأس هو قادر في رأيي على التصدي لذلك بعد كل ما مر به، لكن خشيتي تتواصل، أتحدث هنا عن صديق، وقد فقدنا الكثير من الأصدقاء، سواء من استشهدوا أن تحولوا أو قرروا الانزواء، ليس لدينا القدرة على فقد المزيد، فأصدقاؤنا جزء من حياتنا.
فيلم "المندس" لم يكشف لنا فقط خيانة الدولة العميقة، هذه بلا شك متوقع أن تخون، لكنه أيضا كشف أن بعضاً منا خانوا الثورة، سواء بوعي وتركيز، أو دون وعي ووفق مخطط الخداع الكبير المرسوم مبكراً.
أنا واحد ممن يتساوى لديهم الخونة، هؤلاء الذين خانوا بقصد وأولئك الذين خانوا دون قصد، الفارق عندي أن المخطئ لا يمكن التعامل معه مثلما نتعامل مع المجرم، وبالأساس لا يمكن أبدا أن نحكم على المخطئ بالقتل، بينما نترك المجرم يستكمل مخططه الإجرامي ويقتل المزيد.
أؤمن أننا جميعا خدعنا، وأننا جميعا أخطأنا، وإن آلآلاف منا شاركوا في خطة القضاء على الثورة، بعضنا دون أن يدري، وآخرون مع سبق الإصرار والترصد، لكن الأهم بالنسبة لي الآن أننا يجب أن ننتبه جميعاً إلى ضرورة العودة إلى الثورة.
الثورة وحدها قد تنجينا من الكارثة التي حلت بنا، لكن هل نحن في طريقنا إلى الثورة؟ لا شك عندي في ذلك. متى؟ لا أعلم. هل سننتبه هذه المرّة ونتعلم دروسنا، ومنها تلك التي نبه إليها مهند جلال في فيلمه "المندس"؟ لا أدري، لكنه حري بنا أن نفعل.

يمكنك مشاهدة فيلم "المندس" من هنا




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية