الأحد، 6 يوليو 2014

سلامة عبد الحميد يكتب: لن أكتب في الهاشتاج




مع انطلاق الثورة المصرية، تضاعف عدد "التويبس". فجأة بات هناك مئات الآلاف ممّن يمتلكون حساباً على موقع الرسائل القصيرة، "تويتر"، تزايد الاهتمام بالموقع من المصريين بعد عدة أعوام من رفضهم له.
كنا على "تويتر" عدة مئات فقط من مصر، نعرف بعضنا بعضاً تقريباً، وعدة آلاف فقط من المنطقة العربية يتابعون جميعاً بعضهم بعضاً.
حين انطلق الربيع العربي، تحوّل الموقع إلى منصة حقيقية للثورات، رغم أن "فيس بوك" ظل الأهم حيث إن دعوات الثورة انطلقت عبره. لكن شهرة "تويتر" كانت بسبب قدرته على نشر الأخبار بشكل أسرع، وربط الناس بشكل أكثر سلاسة، والإبلاغ عن الأخطار والتحذير من الكمائن.
كان أصدقائي يدمنون موقع "فيس بوك" ويتحاشون الحديث عن "تويتر". كلما تحدثت عنه، كان الجميع يؤكد أنه لا يسمح لهم بإبداء أرائهم، نظراً لتقييده المستخدمين بـ140 حرفاً فقط، بينما "فيس بوك" يتيح لهم "الهري" و"الرغي"، ووقتها نشر الصور والفيديوهات والمحادثات الفورية أيضاً.
لاحقاً استدرك "تويتر" كل تلك الأمور وسمح بنشر الصور والفيديوهات، وبات لديه ما يسمح بكتابة "مطولات"، لكن الطفرة الأهم كانت عندما سمح لنا كمستخدمين بإطلاق "هاشتاج" باللغة العربية.
كثيرون هربوا من "تويتر"، في الواقع، لأن معظم مستخدميه لا يكتبون بالعربية، لكن تزايد المستخدمين العرب، خاصة من المشاهير، حفّز كثيرين على إنشاء حسابات، ثم عندما اتضحت إمكانية ربط "فيس بوك" بـ"تويتر"، باتت الغالبية العظمى تحرص على أن يكون لديها حساب في الموقعين معاً، وإنْ ظلّ كثيرون يهتمون بأحدهما على حساب الآخر.
بات "تويتر" ظاهرة حقيقية بعد الانقلاب في مصر، زاد عدد "التويبس" فعلاً، وأصبحوا يشكلون نواة حقيقية يمكنها أن تكون أداة ضغط أو وسيلة تعبير حقيقية.
 ولعلّ ما جرى قبل شهر تقريباً في "هاشتاج" الإساءة إلى قائد الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي لمناسبة ترشحه للرئاسة، خير دليل على قدرة "تويتر" على إحداث فرق في السياسة، وفي نظرة المجتمع إلى الأمور، مثلما كان عليه "فيس بوك" قبل ثلاثة أعوام من الآن.
منذ وقت قصير انطلق "هاشتاج" جديد، أو لنقل تنويعات عدة على معنى واحد في عدة هاشتاجات، كلها تسخر من خطاب السيسي مع الإعلاميين، والحلول "الخنفشارية" التي أطلقها لتخليص مصر من الفقر والبطالة وأزمة انقطاع الكهرباء وغيرها من المشكلات المستعصية.
على عكس الهاشتاج الأول "المسيء" الذي كنت أحد المشاركين فيه، وحقّقَتْ تغريداتي معدّل تبادل كبير، لم أشارك في الهاشتاج الجديد، لم أكتب فيه تغريدة واحدة، وأعدتُ نشر عدد محدود من تغريدات الأصدقاء التي أعجبتني.
تعجّب كثيرون من أصدقائي، بعضهم طاردني لأكتب، أملاً في أن يحقق ما أكتبه انتشاراً، أو يضيف للهاشتاج، مثلما حدث في المرة الأولى، لم أفعل، ولن أفعل.
 لستُ متحمّساً، لا أظن أن السيسي سيكمل مدته الرئاسية، وأثق أن نهايته ستكون مأساوية بقدر ما فعل من جرائم، لكن تحويل الأمر إلى ملهاة إلكترونية لم يعد يغريني، يموت الناس في الشارع بينما نحن نكتب في هاشتاج.
 لا أنفي أن الأمر له تأثير يربك الانقلاب وأنصاره، لكني أردتُ ألا أنشغل مجدداً بـ"الهري"، وربما أطلق "هاشتاجاً" لتذكير الناس بالجرائم، أو بالشهداء، أو لنذكّر الناس بالصورة ومبادئها: "عيش، حرية، كرامة إنسانية، عدالة اجتماعية"، وكلها أضاعها الانقلاب ومَن شاركوا فيه.

يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق