السبت، 2 يناير 2016

فيلم (Joy)... نموذج أميركي للنجاح العملي وسط الفشل الأسري





من يومين رحت السينما. اتفرجت على فيلم جديد. بقالي شهر تقريبا معملتهاش. الفيلم كان أمريكاني جدا جدا. اسمه (JOY) ودا اسم البطلة اللي هي جنيفر لورانس، بطلة  (The Gunger Game) أبوها في الفيلم هو النجم روبرت دينيرو، وصديقة أبوها هي ايزابيللا روسيلليني بنت النجمة السويدية الراحلة إنجريد بيرجمان والمخرج الإيطالي الشهير روبرتو روسيلليني، والتلاتة دول لوحدهم في الفيلم كفاية بالنسبة لواحد زيي عشان يدخل فيلم، أنا باتفرج على أي فيلم وباستمتع، حتى لو مش كويس.

لكن كمان المفاجأة بالنسبة لي كانت في ممثل مش معروف بالنسبة لي عمل دور طليق البطلة ومستشارها، اسمه إدجار راميريز، واللي كان منافس قوي جدا في الفيلم لنجم أميركي شاب هو برادلي كوبر.

مخرج الفيلم هو ديفيد راسل، وهو مخرج كويس انتاجه مش كتير، وشفت له قبل كدا كام فيلم منهم (Silver Linings Playbook) و(American Hustle)  واللي كان فيهم برضه روبرت دينيرو وجنيفر لورانس وبرادلي كوبر، وإن كان فيلمه (The Fighter) هو الأشهر والأكثر نجاحا.

الفيلم بيحكي ببساطة عن قصة الست اللي اخترعت الممسحة اللي بتتعصر باللف من غير ما تعصرها بايدك، واللي راسها بتتخلع وتتحط في الغسالة عشان تنضف وبعدين تتركب تاني، أه فيلم بحاله عن الاختراع دا، وهو بالمناسبة رغم بساطته اختراع عظيم جدا بالنسبة للناس اللي بتنضف البيوت بنفسها.

المهم، الاختراع هو أساس الفيلم طبعا، لكن القصص اللي على هامش الاختراع هي الأهم، وطبيعة العلاقات داخل الأسرة، وفي المجتمع هي الأكثر جذبا، لمشاهد مثلي على الأقل.

بداية لا يمكن إهمال التركيبة الهوليودية بامتياز لأبطال الفيلم، دينيرو الحائز على الأوسكار مرتين، وروسيلليني ابنة النجوم هما أميركيان من أصول إيطالية، لورانس وكوبر أميركيين، راميريز من فنزويلا، وهناك شخصيات أخرى من أصول لاتينية وأفريقية وأسيوية، يعني النموذج الأميريكي الواسع.



لكن الأحداث أيضا أميركية جدا، ولا يمكن أن تجد تلك التفاصيل في العلاقات أبدا إلا في فيلم أميركي، البطلة منفصة عن زوجها ووالد طفليها المطرب الفاشل، لكنه رغم ذلك يعيش في الطابق السفلي من المنزل، أمها ووالدها منفصلين، والأم تعيش معها في نفس المنزل لكنها هائمة في عالم المسلسلات التلفزيونية بالكلية ولا تتحرك تقريبا من سريرها، حتى أنك ربما حتى منتصف الفيلم تظن أنها قعيدة.

واستخدم المخرج المسلسلات التليفزيونية في الفيلم بطريقة متميزة، ففي كل مشكلة يظهر مشهد من المسلسل التليفزيوني يعبر تماما عن الأزمة، أو يشوش على مخيلتنا كمشاهدين فيما يخصها، الأهم أن مشاهد المسلسل التليفزيوني داخل الفيلم كانت مصنوعة بالكلية، وفريق عمل المسلسل المتخيل هم ممثلون يديرهم مخرج الفيلم ضمن فريق العمل، وليسو كما قد يتخيل البعض شخصيات مسلسل حقيقي تم الاستعانة بلقطات منه.

يختلف الأب مع خليلته التي يعيش معها، فتأتي به خليلته إلى منزل الأسرة طالبة منهم أن يستعيدوه مجددا لأنه لم يعد يناسبها، يعيش الأب في نفس الطابق الذي يسكنه طليق ابنته رغم أنهما لا يتفقان على شيء أبدا، لدى البطلة أخت غير شقيقة من أبوها، تحيا على الغيرة وتحاول دوما إفشال أي نجاح لأختها، بينما وسط هذه الأسرة التعيسة البغيضة تبقى الجدة العطوفة "ميمي" بارقة الأمل الوحيدة بالنسبة للبطلة.

وسط كل هذا الفشل الأسري تحاول البطلة (جوي) تحقيق حلمها في تسويق اختراعها الذي يراه أفراد أسرتها أنفسهم فاشلا، أو على الأقل بلا قيمة، تلتقي شابا وسيما يعمل بالتسويق (كوبر)، فيظن المشاهد لوهلة أنه ستنشأ بينهما قصة حب، لكن الأمر يقف عند حدود الصداقة البريئة، ويلتقي أبوها بسيدة ثرية من خلال خدمة هاتفية للتعارف، فتكون مصدرا لتمويل المشروع، تسعى أختها دوما لإفشالها، ويقف أبوها بلا حراك لمنع ذلك، بينما يدعمها طليقها وصديقة طفولتها.

وبينما تسير الأحداث، تستدعي البطلة "سباكا" لإصلاح أنابيب المياه المنفجرة في المنزل، فتقع أمها في غرام السباك الأسود القادم من هايتي وتخرج من عزلتها الطويلة.

تتوالى الأحداث وينجح المشروع ثم يفشل، ثم ينجح مجددا، لتتحول البطلة إلى سيدة أعمال شهيرة في مجال تسويق الأدوات المنزلية عبر خدمة البيع من خلال التليفزيون، والتي كانت في مرحلة انطلاقها الأولى خلال الفترة التي تدور فيها أحداث الفيلم في مطلع الثمانينات، لكن تظل الأسرة سبب تنغيص حياتها، فهم يسعون طوال الوقت لابتزازها وإفشالها، بينما هي لا تتوقف عن الإنفاق عليهم وتمويل نزواتهم ومشروعاتهم الفاشلة.


تركيبة سينمائية جيدة لعلاقات طبيعية في مجتمع يحاول تسويق نفسه باعتباره النموذج الأمثل لحياة بسيطة بلا تعقيدات فيما يخص العلاقات الشخصية، لكن تلك الحياة المحملة بالطمع والخذلان من جانب أقرب الأقربين، وبالفشل والسعي إلى النجاح في الحياة العملية، تقدم صورة أخرى عن مجتمع لا ييأس من تكرار التجربة، على المستوى الأسرى وفي العلاقات العاطفية، وفي العمل.





 يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق