الاثنين، 7 مارس 2016

مغامرة بقاء السيسي في الحكم






أصبح واضحا تزايد عدد من لا يريدون بقاء السيسي في الحكم. المعارضون يرغبون في إزالته منذ اليوم الأول للانقلاب. حيث كان يحكم من خلف ستار الرئيس المؤقت الذي عرف بـ"الطرطور"، بينما كثير من المحايدين اكتشفوا سريعا وقبل مرور أشهر على توليه الحكم أنه فاشل وأنه لن يوفر لهم تلك الأوهام التي حلموا بها من حرية وديمقراطية وعدالة وتقدم اقتصادي وما كان يقال إنه "استعادة هيبة الدولة".

 الأهم أن المؤيدين المسيسين، والذين دعموه بكل قوتهم، وحرضوا على معارضيه بسفالة منقطعة النظير، والذين انقلب عليهم مؤخرا، بعدما شهور من انقلابه على أصدقاءهم مبكرا (يمكنك حصر مئات من مؤيدي الانقلاب في المعتقلات)، هؤلاء أنفسهم بات صوتهم يصدح بضرورة تغييره علنا، بعد أن كانوا يسرون بذلك في لقاءات ضيقة.
ليس سرا أن الحديث العلني المتكرر عن فشل السيسي من جانب شخصيات كانت محسوبة على جبهته الداعمة بات مقلقا بالفعل للدولة العسكرية التي يمثلها السيسي.

في مصر أصلا عدة دول داخل الدولة، دولة الأجهزة الأمنية ودولة رجال الأعمال لم تعد قادرة على تحمل الفشل الذي يتزايد يوما بعد يوم ويكاد يعصف بهم جميعا، حتى أن بعض الأذرع الإعلامية لم تعد قادرة على التبرير، بعد أن استنفدت كل الوسائل، خاصة وأن النظام العسكري لا يمنحها ما يمكنها أن تجادل به المعارضين.

الدولة الأهم في مصر هي دولة الجيش، ولا يمكن للمؤسسة العسكرية التي أصابها خلال سنة ونصف من حكم السيسي ضرر أكبر بكثير من سنة ونصف حكم فيها طنطاوي، إلا أن تفكر في تغيير الواجهة، فالجنرال الموضوع على الكرسي بات خطرا على المؤسسة التي خسرت الكثير في الوعي الجمعي للمصريين. وباتت أقرب إلى صورة الشرطة منها إلى صورة الجيش. وصورة الشرطة في مصر قاتمة جدا.

لاشك عندي أن مبادرة حمدين المولودة ميتة، ومؤتمر وزير الداخلية عن اتهام حماس والإخوان بقتل هشام بركات وقصة عكاشة كلها، وغيرها من القصص الصغيرة (غادة إبراهيم- أمناء الشرطة- ميريهان. وحتى اضراب الأطباء. أبو عيطة. الخ الخ) لا شك أنها جميعا محاولات جدية لإلهاء الشعب عن الواقع المرير الذي يعاني منه نظام السيسي، ولا شك أنها جميعا فشلت بجدارة.

المثير هو بدء نغمة الانتخابات الرئاسية المبكرة، وتكرارها. حتى أن مبادرة حمدين البلهاء نفسها تدفع في هذا الاتجاه، وإن لم تقل هذا صراحة، بل إن أحد مسؤوليها نفى تماما ذلك، وهذا أمر مفهوم في ظل حالة الرعب التي يعيشها صاحب المبادرة نفسه. إن كان هو صاحبها أصلا.
وأظن أن تخصيص عمرو أديب، كأحد أبرز الأذرع الإعلامية، حلقة الأمس للحديث عن تغيير السيسي بعد انتهاء مدته. مؤشر صريح على شعور نظام السيسي بالخطر من تداول فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة، التي لن ينجح فيها أبدا لو جرت بطريقة ديمقراطية.

لكن نظام السيسي يرى أن اللجوء إلى خيار الانتخابات الرئاسية المبكرة هو اعتراف صريح بالفشل، ما يجعله يرفضه كخيار بكل قوته. حتى لو جرت الدماء أنهارا. وقد جرت سابقا.


يبقى أن القرار ليس قرار السيسي ولا قرار دول المصالح المتصارعة داخل مصر، وإنما هو قرار خارجي بالأساس، تعمل كل تلك التروس في إطاره. ولو اتخذ القرار فلن يكون بمقدور السيسي أن يعارضه وإلا كانت نهايته على طريقة القذافي أو صدام.
نحن الآن في خضم مغامرة متكاملة متمثلة في بقاء السيسي على رأس الحكم في مصر، مصر هي المتضرر الأكبر منه، ولأن كثيرين لا يمكنهم تحمل هذا الضرر، ليس حبا في مصر دائما، فإن هذا الوضع لا يمكن تحمله كثيرا



اقرأ أيضا:

عمار علي حسن

كمال أبو عيطة

عبد الناصر سلامة




يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق