السبت، 27 أغسطس 2016

الإماراتي أحمد منصور: التجسس والاختراق لن يوقف نشاطي الحقوقي




فجر اكتشاف الحقوقي الإماراتي أحمد منصور، ثغرات في هاتف "أي فون" تسمح بالتجسس على الهواتف الشخصية، قضية الحريات الشخصية وتجسس الدول على مواطنيها باستخدام تقنيات وبرامج حديثة، خاصة وأن شركة "آبل" العملاقة اعترفت بالمشكلة وأصدرت تحديثات لمستخدمي هواتفها للتغلب على تلك الثغرات.
وقال منصور لي، إنه اكتشف محاولة الإختراق بعد استقبال رسالة نصية على هاتفه "آيفون"، وأوضح أن الرسالة النصية استغلت اهتمامه بالملف الحقوقي في بلاده، حيث تحدثت عن "أسرار جديدة حول تعذيب إماراتيين في السجون، مرفقة برابط غير واضح".
وأضاف "لأنني سبق أن تم استهدافي من قبل الأجهزة الأمنية في الإمارات، أصبحت أكثر حرصاً من المستخدمين العاديين، فقمت بإرسال الرسالة إلى (سيتيزن لاب)، وهو مختبر متخصص في مجال الاختراق والتجسس، فقام بفحصها وتحليل محتواها، وتأكد أن الرابط المرفق عبارة عن برنامج خبيث طورته شركة إسرائيلية، وأنها تقوم ببيعه للحكومات".
وأوضح أن "الرسائل وصلتني على مدار يومين، رسالة بتاريخ العاشر وأخرى بتاريخ 11 أغسطس/آب الحالي، وفي الحالتين كان المحتوى ذاته، وإن اختلف المرسل، وهو اسم مزيف برقم مزيف، حيث عرفت لاحقا أن البرنامج الخبيث يتيح لمستخدمه القيام بذلك".
وقال مختبر "سيتيزن لاب" إنه إذا ضغط منصور على تلك الروابط فإن ذلك كان سيؤدي ذلك إلى تثبيت برنامج خبيث على هاتفه "وبمجرد تثبيت البرنامج على الهاتف كان سيصبح جاسوسا رقميا في جيبه، حيث يمكن للبرنامج توظيف كاميرا الهاتف والميكروفون للتجسس على كل الأنشطة في محيط مكان الهاتف، وكذلك تسجيل المكالمات والمحادثات على فايبر وواتس آب وغيرها من التطبيقات".
وفجر منصور القصة بالتواصل مع شركة "آبل" مصنعة الهاتف، والتي درست الشكوى، وأكدت صحتها، وأصدرت بيانا لاحقا حولها، مع توصية بتحميل تحديثات ضرورية للهواتف "أيفون 6" تحمي من اختراقها.
وقال الحقوقي الإماراتي: "لا أعتقد أن اكتشاف الأمر وتحوله إلى قصة عالمية سيوقف برنامج الجهات الأمنية الإماراتية لتطوير قدراتها لاختراق ومراقبة الأجهزة والمحادثات والبيانات الشخصية للمواطنين والمقيمين، فمن الواضح تماماً أن الميزانية المرصودة لهذا البرنامج ضخمة والهدف يبدو هدف استراتيجي متعدد الأشكال".
واستطرد "أعتقد أن محاولات المراقبة والاختراق والتجسس ستتواصل، وأنها ستزداد تعقيدا، وربما تنتشر على نطاق أوسع. وفي الأغلب، سيكون المستهدفين بمثل هذه البرامج النشطاء من الحقوقيين أو السياسيين، أو أصحاب التوجهات الفكرية التي لا تتناسب مع توجهات السلطات الحكومية، والتي تقوم بشيطنتهم" على حد قوله.
وكان بين أبرز ما تم الكشف عنه في الواقعة، أن الشركة مصنعة تقنية الاختراق والتجسس هي شركة إسرائيلية، حيث أشارت أصابع الاتهام إلى شركة NSO الإسرائيلية، ومركزها في هرتسليا، وهي شركة تعمل على تطوير برمجيات للحكومات تستهدف بشكل سري هواتف المستخدمين، بحسب تقرير نشرته "يديعوت أحرونوت".
وعن هذا يقول أحمد منصور: "بالنسبة لي التعاون مع شركة إسرائيلية ليس مستغربا، فالعديد من التقارير الآن تشير إلى تعاون بين بعض دول الخليج وإسرائيل في عدة مجالات، كما أن التواجد الإسرائيلي في الإمارات لم يعد سراً، سواء تحت مظلة الأمم المتحدة أو الرياضة أو غيرها من الأشكال".
ويضيف "هناك تطبيع غير معلن، وربما غير كامل، لكن لا شك أنه موجود. شخصياً عبرت عن رفضي للتواجد الإسرائيلي في الإمارات في أكثر من مناسبة، كما عبرت عن رفضي لأي نوع من أنواع التطبيع مع إسرائيل".

ويرى الحقوقي الإماراتي أن "تركيز السلطات الأمنية منصب على تطوير قدراتها في اختراق وتتبع ومراقبة اتصالات وبيانات الأفراد، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، لا يهمهم مع من يتعاملون، سواء كانت دولة أو شركة، الأهم بالنسبة لهم هو تحقيق هدفهم بالقدرة على مراقبة الجميع".
وكان أحمد منصور أحد الأشخاص الخمسة الذين اعتقلتهم السلطات الإماراتية عام 2011، وقد عُرف منذ سنة 2006 بنشاطه في المجال الحقوقي وملف حرية التعبير والحريات السياسية والمدنية.
"المضايقات بالنسبة لي باتت معتادة، فهي لم تتوقف منذ إطلاقنا لعريضة المطالبة بإصلاح المجلس الوطني الإتحادي (البرلمان) لإعطائه صلاحيات تشريعية ورقابية كاملة وانتخاب جميع أعضائه" يقول منصور.
وروي تفاصيل بعض التضييقات والمضايقات التي تعرض لها ومنها: "تم اعتقالي واطلاق حملة تشويه واغتيال معنوي لشخصي، وأظنها كانت حملة غير مسبوقة في تاريخ الإمارات، وتم فصلي من عملي بعد خروجي من السجن الذي قضيت فيه ثمانية أشهر، وكان خروجي بعفو رئاسي بعد يوم واحد من الحكم علي بالسجن ثلاثة سنوات".
وأشار إلى أنه تم الإعتداء عليه مرتين من قبل أشخاص مجهولين في الجامعة، حيث كان يدرس القانون، و"تم سرقة رصيدي البنكي، وقيمته 140 ألف دولار تقريبا، من حصيلة عملي لنحو 12 عاما، وعندما ذهبت للإدلاء بأقوالي في بلاغ تقدمت به حول سرقة أرصدتي، سرقت سيارتي من مواقف النيابة في أبوظبي، ولم أسترجع أي منها حتى اللحظة، علماً أن الحساب والسيارة تمت سرقتهما في يناير/كانون الثاني 2013".
وحول لجوء السلطات إلى التضييق التقني عليه، قال منصور "لم يتوقف التضييق ولا محاولات اختراق أجهزتي واتصالاتي، لكن كل ذلك لن يجعلني أتوقف عن نشاطي الحقوقي، فأنا مؤمن تمام الإيمان أن ما أمارسه في هذا المجال هو لصالح بلدي ولصالح أبناءها الذين ربما لا يشعرون بأهمية الدفاع عن هذه الحقوق حاليا".
وحاز أحمد منصور جائزة "مارتن إينالز" لعام 2015، والمخصصة للناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الانسان، لكن السلطات الإماراتية منعته من السفر إلى جنيف لتسلم الجائزة.



 يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق